كثيرة هي القصص اللطيفة التي تستحق منا التأمل…
لقد أصبحت مراسلاتنا الإلكترونية مع بعضنا بعضا، وبشكل يومي في بعض الأحيان، جزءا من التنفيس والتلطيف في وجه مشاق تلاحقنا في كل لحظة… هذه القصة، عجيبة عجيبة… وتتطلب منا جميعا لحظات من التأمل، وهي ليست مقتصرة على فئة معينة، لكنها تشمل الكل… الوزير والخفير كما يقولون… لا بأس، لنقرأها معا:
في يوم من الأيام استدعى أحد الملوك وزراءه وكانوا ثلاثة، فطلب منهم طلبا غريبا: يجب على كل واحد منهم أن يأخذ كيسا ويذهب إلى بستان القصر، ويملأ ذلك الكيس بمختلف طيبات الثمار والزروع ويحضره إلى الملك، على ألا يستعين بأحد في هذه المهمة، ولا يسندها إلى أحد آخر… استغرب الوزراء من طلب الملك، لكن كل واحد منهم أخذ كيسه وانطلق إلى البستان.
فأما الوزير الأول فقد حرص على أن يرضي الملك! فجمع من كل الثمرات أفضلها وأجودها، وكان يتخير الطيب والجيد من الثمار حتى ملأ الكيس… أما الوزير الثاني، فقد كان مقتنعا بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاج إليها لنفسه، وأنه لن يتفحص الثمار، فقام بجمع الثمار بكسل وإهمال فلم يتحر الطيب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق!
الوزير الثالث، لم يعتقد إطلاقا أن الملك سيهتم بمحتوى الكيس أصلا، فملأه بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار. وفي اليوم التالي، أمر الملك أن يؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها، فلما اجتمع الوزراء بالملك أمر الملك جنوده بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة ويسجنوهم (انفراديا) كل واحد منهم مع الكيس الذي معه لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل إليهم فيه أحد، وأن يمنع عنهم الأكل والشراب.
فأما الوزير الأول، فظل يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى انقضت الأشهر الثلاثة، وأما الوزير الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمدا على ما صلح فقط من الثمار التي جمعها… أما الوزير الثالث فقد مات جوعا قبل أن ينقضي الشهر الأول.
وحتى نبتعد عن السياسة وبلاويها، نختتم الرسالة بهذه العبارة: «هكذا اسأل نفسك من أي نوع أنت؟ فأنت الآن في بستان الدنيا لك حرية أن تجمع من الأعمال ما تشاء… طيبها وخبيثها، ولكن غدا، عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك، في ذلك السجن الضيق المظلم لوحدك، ماذا تعتقد سينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا؟