تعتبر الكويت، بحجمها الصغير وعدد سكانها القليل وثرائها الواضح، بعد ان تجاوزت احتياطيات الدولة النقدية السبعين مليار دينار (265 مليار دولار)، مثالا للرجل الغني المتواضع التعليم الذي لا يعرف كيفية التصرف بثروته بطريقة سليمة، ولا كيفية تكوين اسرة يمكن ان تساعده في انماء هذه الثروة والمحافظة عليها.
الفرصة الآن مواتية، واي تأخير اكثر من ذلك في تعديل التركيبة السكانية واستخدام الفوائض المالية بطريقة رشيدة لن يكون في مصلحة الوطن والمواطنين بأي حال.
ورد في تصريح لوزير الداخلية في مجلس الامة (18 ـــ 6) ان الحكومة تدرس منح الاقامة الدائمة لغير مستحقي الجنسية. وهنا ربما يعني فئة البدون!
الكويت بوضعها السياسي والديموغرافي الحالي والقلة النسبية لمشاكلها مقارنة بغالبية دول العالم الاخرى، يمكن ان تكون نموذجا لدول المنطقة لو احسن اتخاذ القرار في هذا الموضوع الخطير المتعلق بمنح الاقامة الدائمة، او الجنسية، سواء للبدون، بسبب دواع منطقية، قبل الانسانية، او للفئات الاخرى، علما بأننا سنكون ولسنوات وسنوات بحاجة ماسة الى خبرات فئات ثلاث رئيسية: من يحافظ على صحتنا العقلية والنفسية والجسدية، وهذه وظيفة الاطباء. من يعطيها القدرة على مجاراة العصر وفهم ما يدور حولنا بطريقة علمية، وهذه مهمة المعلمين والخبراء.
وأخيرا من يساعدنا على حفظ نعمة الامان والعدالة، وهذه مهمة المستشارين والقضاة.
وبسبب النقص الكبير في الكفاءات الثلاث اعلاه بين المواطنين، اضافة الى الكفاءات المهنية الاخرى، فكان لا بد من الاستعانة بالكفاءات الخارجية.
فمن اولى بالجنسية الكويتية، او على الاقل، الاقامة الدائمة، اكثر من هؤلاء؟ ومن يعرف الكويت ونظمها وقوانينها وامراض بيئتها اكثر من قاض متمرس او طبيب مميز افنى عمره في معالجة امراضنا؟
ولو نظرنا الى المستويات التعليمية لهؤلاء الاطباء والقضاة وغيرهم من المصرفيين والمهندسين وخبراء الاستثمار والخبرات النفطية لوجدناهم من حملة ارفع الشهادات التي افنوا السنوات الطوال في الحصول عليها بدعم مادي منهم او من دولهم. كما نجد انهم قاموا، وبسبب ارتفاع مستوياتهم الاجتماعية والمادية، بتوفير افضل تعليم لأبنائهم مع الحرص على تكوين اسر صغيرة مرتفعة الكفاءة. وبالتالي فهم، بتخصصاتهم وعقلياتهم الرفيعة، يمكن اعتبارهم المعين الافضل الذي يجب الاستعانة به في رفع مستوى الامة التعليمي والصحي والنفسي والامني والاقتصادي.
إن قرار منح الاقامة الدائمة او الجنسية يجب ان تراعى فيه مصلحة الدولة اولا واخيرا، مع ضرورة اخذ مسائل الامن والانسانية في الاعتبار.
ملاحظة:
مؤسف جدا ان يكون راتب طبيب كويتي حديث التخرج يعادل او يزيد على راتب الطبيب المقيم، حامل شهادة الدكتوراه التخصصية، الذي مضى على وجوده في البلاد اكثر من 35 عاما!
أحمد الصراف