سعيد محمد سعيد

مع الحكومة… ضد الحكومة!

 

إذا تجاوزنا المعادلة التي أفرزها الحراك السياسي في البلاد بما فيها الممارسة البرلمانية بتوزيع الكتل بين موالاة ومعارضة، وصرفنا النظر عن الآثار السلبية التي نتجت عن الممارسة برمتها، والتصنيف برمته، سيبقى أمامنا تصنيف آخر على المستوى الشعبي… أي بين عامة الناس في البلد لتصنيف بعضهم بعضا أيضا بين مواطن شريف «مع الحكومة» وآخر عميل «ضد الحكومة».

وفي نظري، فإن الحكومة ممثلة في القيادة والدولة بوزرائها ومسئوليها وأجهزتها، لا يمكن أن تشغل نفسها بهذه التصنيفات، وإن حدث وانشغل أو اشتغل بعض كبار المسئولين بهذا التصنيف باعتباره قضية «مصيرية»، فإن أمثال هؤلاء لا يستحقون أن يبقوا في مناصبهم، ذلك أنهم يعلمون تماما بأن ما يجري في البلاد على أيدي مثيري هذه التصنيفات ليسوا سوى أطرافا تريد إبقاء فتيل الفتنة مشتعلا، وبالتالي، فإن بقاء المجتمع تحت هذا التصنيف لا يمكن أن يحقق إضافة إيجابية للسلم الاجتماعي، ولاشك في أن ما تبقى من مسميات الوحدة الوطنية والأسرة الواحدة ستكون عرضة للضربات تلو الأخرى… تتعافى من واحدة فتأتيها الأخرى أشد قوة.

مع الحكومة أو ضد الحكومة، ما هي إلا ممارسة وشكل من أشكال التنفيس البغيض في عقول نفر من القوم، من يعرفهم الناس جيدا، سواء كانوا من المسئولين أم من النواب أم من الصحافيين أم من المشايخ والعلماء أم من أتباع التيارات السياسية الذين يحكمون قبضتهم في هذه الوزارة أو تلك…

على أي حال، لن نفتأ نتحدث عن حقيقة الوضع الذي يعيشه المواطنون في البلد، فمن الصعب مراضاة الحكومة بالتطبيل والتصفيق الدائم، لأن في ذلك خيانة للوطن! من جهة أخرى، لا يعني أن انتقاد الحكومة، لابد وأن يأخذ الشكل العنيف القاسي الذي يربك الأوراق ويؤثر حتى على المنهج الوطني السلمي، فوضع اليد على مواطن الخلل والتقصير والتجاوز والفساد هو أمر مطلوب مع أنه لم يجدِ نفعا طوال السنوات الماضية! وهذه حقيقة مرة، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال الركون إلى اليأس والاستسلام برفع شعار: «الحكومة صمّت آذانها»!

ولنبقى في حدود رأي الشارع البحريني… فالغالبية العظمى من المواطنين، أصابهم اليأس… نقصد هنا يأسهم من أن تتبدل الأحوال إلى الأفضل على مستوى الخدمات ومشروعات التطوير وتحسين المستوى المعيشي، ولم يعد انتقاد المواطن موجها إلى الحكومة فحسب، بل طال المؤسسة التشريعية التي لن يمكن سريعا محو صورة أدائها السيئ التي تشكلت في عقل المواطن.

ليس صحيحا أن يصنف المواطن الذي يعبر عن ضيقه وتذمره ومعاناته بأنه ضد الحكومة، ويبقى ذلك الشخص الذي يلمع ويطبل ويصفق ويرقص وكأنه المواطن الصالح الشريف! وليس في الأمر تحريضا للخروج على ولاة الأمر في حال التعبير عن الآراء الناقدة بحرية وشفافية… بل أن القيادة كررت في مناسبات كثيرة، اهتمامها بما تنقله الصحافة الوطنية، باعتبارها الصوت الأول للمواطن في البلد أولا، ولأن دورها مكمل لدور الحكومة وينقل إليها صورة حقيقية عن أوضاع المواطنين ثانيا.

فدعونا من سلسلة «مع وضد» فهي فاشلة «بامتياز».

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *