فجأة، هجم الأخ «الباكستاني»المتعطش للتأكد من صحة المعلومة سائلا: «ساديك… فيزا مال بنغالي كلاص كانسل»… فهو يريد التأكد من حقيقة إلغاء إصدار تأشيرات للعمالة البنغالية بعد الحادثة المؤسفة التي راح ضحيتها المرحوم محمد حسن الدوسري… بل كان في غاية الأسى من الحادثة معتبرا أن أولئك البنغال مجرمون لا يؤمن شرهم.
في المقابل، كان «الخباز البنغالي» يستدر عطف الناس بالقول: «لسنا كلنا مجرمين، ولا يمكن أن تلقوا بالخطأ الذي ارتكبه القاتل كله علينا، فنحن جئنا لطلب الرزق ولدينا أسر نعيلها، ونحن نتحمل أقسى الظروف وأكثرها وحشية من جانب أصحاب الأعمال ونصبر»… لكن النقطة الغريبة في كلامه هي أن هناك الكثير من الباكستانيين والهنود و…و… يرتكبون الجرائم، فلماذا تريدون طرد كل البنغاليين؟
خلال الأيام الماضية، وعقب مقتل المواطن «محمد»، شهدت البلاد حال غضب كبيرة، وخصوصا بين فئة الشباب الذين راح بعضهم يصب جام غضبه على الأجانب، حتى أن أحد المواطنين شكا عبر الصحافة من تهديد آسيوي له بتكرار ما حدث في ورشة مدينة حمد، كما كان هناك بيان معتدل للناشط نبيل رجب يحذر فيه من نشر فكرة عنصرية ضد الوافدين، فيما كانت الآراء في المجالس وفي المنتديات الإلكترونية وفي مقالات الصحافة تتنوع بين تشديد العقوبة وبين الدعوات لعدم تفاقم الوضع داخليا بحيث تسود ظاهرة العداء المقصودة ضد الوافدين، لكن بدى واضحا أن هناك مشكلة تتفاقم في المجتمع البحريني لا يمكن إنكارها نتيجة تصاعد جرائم وممارسات ومصائب «القوم» في المجتمع البحريني الذي كان ولا يزال، يعتبر مجتمعا آمنا وبيئة مثالية للتعايش بين مختلف فئات البشر.
ومهما كان الأمر، فإن الإستقدام غير المنظم والأعداد المهولة من الوافدين المتوافدين يوميا على منطقة الخليج يستدعي إتخاذ إجراءات للحد من الظاهرة التي بدأت آثارها السلبية تبرز على هيئة جرائم متعددة الأنماط، تبدأ بانتحار العمالة الوافدة في غرفها، وتصل في مداها الى حدود قتل المواطنين في الخليج، وبين هذه وتلك، تحدث حالات الإعتداءات الجنسية على الأطفال والسرقات والإختلاس وتكوين المجموعات «العصابات»لتنفيذ الجرائم المنظمة.
لا يمكن أن تجدي الحلول المنعزلة لكل دولة من دول الخليج في شأن مخاطر التوافد المذهل للعمالة الأجنبية، ولربما أصبح من المفيد أن تضع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون في بنود مباحثات القمة المقبلة، بندا يتعلق بالإحتلال المقبل للمنطقة، والذي لا يمكن أن يكون هينا من منطلق الدعوات التي تشير الى أنهم «ملايين من البشر جاءوا لكسب الرزق»، فبلادنا لا تقطع الأرزاق، لكننا لا نريد منهم أن يقطعوا الأعناق.