توقف الملياردير الأميركي ديفيد روكفلر عند مدخل بورصة نيويورك، عند ماسح أحذية ليزيل ما علق بحذائه من وحل. فسأله هذا عن حظ سهم معين في الارتفاع!! وعندما كشف ذلك السؤال لروكفلر ان مساح الاحذية ورفاقاً له يتعاملون بالأسهم، وكانت أسعارها في القمة يومها، قام ببيع كل ما يملك. وما لبث السوق ان انهار بعدها بأيام، وكان واحدا من القلة التي نفذت بجلدها. وعندما سئل عمن اوحى له بالخروج في الوقت المناسب اشار من نافذة مكتبه، الى ماسح الاحذية وقال: عندما يدخل هؤلاء، فعلينا نحن الخروج!!
ملاحظة روكفلر لم تكن طبقية بقدر ما كانت مهنية بحتة!!
بتشجيع من وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المرور قمت، وبعض الاصدقاء، وعلى مدى سنة تقريبا، بتصوير كم كبير من مخالفات المرور وطباعتها، وارسالها بالحفظ والصون، لأحد مساعديه ليقوم باتخاذ اللازم. تبين بعد فترة اننا كنا نحرث في البحر، فكمّ المخالفات كان يزداد، وفي الاماكن نفسها ومع الاطراف نفسها تقريباً، مما يعني ان الادارة المعنية إما لم تكن تأخذ عملنا في ضبط المخالفات مأخذ الجد، او ان الناس لم يعودوا يهتمون، وإما يخافون من الغرامات المالية!!
كما وجدنا ان نسبة من يستغل كتف الطريق، او حارة الطوارئ، من الوافدين هي الاعلى، ومن مستويات مادية بسيطة، مما يعني ان الكل اصبح يشعر بان القانون بشكل عام، وليس المرور فقط، لا يطبق بشكل كامل، وهنا مكمن الخطورة. فعندما يبدأ الضعيف والصغير بارتكاب المخالفات، ففي الامر ما يستحق التساؤل!
كما تبين لنا ايضاً ان «مبدأ التعاون» بين المواطن الذي يود ان يساهم في ترسيخ النظام والامن، وبين ضابط الشرطة معدوم تماما. وهذا يعود إما لاعتياد هؤلاء على التعامل مع طبقة معينة من المواطنين او المقيمين! وإما لنقص ثقافة الكثير من منفذي القانون والقائمين عليه، لكي لا نقول نقص تعليم غالبيتهم! ولا يعني هذا اننا اكثر ثقافة وعلما من احد.
فعندما يتجرأ هذا الوافد البسيط على مخالفة القانون جهارا، فهذا يعني ان في الامر خللاً خطيراً. وعندما تتكرر المخالفة نفسها وفي المكان نفسه المرة تلو الاخرى، فهذا يعني ان هناك من يقول «طز» لسبب او لآخر، وعندما يتجاهل رجل الامن ما يبديه المواطن من رغبة في حفظ الامن معه والمساعدة على تطبيق القانون، فكل هذا يعني ان قضية الدواوين المخالفة ستتكرر بأشكال واحجام مختلفة اخرى.
اما قرار وزارة الداخلية الاخير والمتعلق بانهاء اقامة الوافد في حال تكرر تجاوزه للاشارة الحمراء، فلا يمكن وصفه الا بالمجحف وعدم الانساني، وقد يفتح الباب لاستغلاله بطريقة غير قانونية من ضعاف النفوس في السلك الامني.
نحن لسنا بحاجة الى تشديد القوانين بقدر حاجتنا الى تطبيق الموجود منها.
كما ان الامر يتطلب قيام رجال الشرطة بعملهم بأمانة، وهذا غير متوافر الآن لدى نسبة لا بأس بها من المناط بهم تنظيم حركة السير، دع عنك الانشطة الامنية والتنظيمية الاخرى.
نأمل ان نرى تغييرات كبيرة على يد وكيل الوزارة الجديد.
أحمد الصراف