الروتاري والليونز نواد اجتماعية شهيرة ينتمي لها الملايين في الكثير من دول العالم، وبالذات المتقدم منه، ولكن لا يوجد لها أي وجود، أو حتى ذكر، في غالبية الدول الإسلامية، وربما تحرم قوانين بعض الدول العربية أنشطتها، ولكن لهذه النوادي فروعا في لبنان ومصر وبعض دول شمال أفريقيا.
لا أنتمي من قريب أو بعيد لأي منها، ولكنني أعرف عددا من الأصدقاء «الحميمين» من المنتمين لها منذ عقود طويلة.
لسبب ما، تكن أنظمة الحكم المحافظة في منطقتنا عداء واضحا لهذه النوادي وتنظر لها بعين العداء والريبة. وربما يكون مبعث ذلك قوة نفوذ التجمعات والاتجاهات الدينية عليها، بسبب عداء هذه التنظيمات لكل ما يمت للروتاري والليونز بصلة، لكونها، حسب منطقهم، أذرعاً سرية للماسونية العالمية!!
علاقتي الطويلة بعدد من المنتمين لهذه الجمعيات، من مصريين ولبنانيين وبريطانيين، تعطيني الحق في القول إنهم أبعد ما يكونون عن كل ما يشاع عنهم وحولهم من لغط وربط بحركات سرية أو تجمعات ذات أغراض استعمارية!! فلم يسبق طوال سنوات علاقتي الطويلة معهم، وبالرغم من كل ما يربطني بهم من ود وعلاقات عمل وصداقة، ان طلب مني قط الانتماء لنواديهم أو التبرع لها أو حتى إلقاء كلمة فيها، هذا بالرغم من أنني دعيت للكثير من حفلاتهم الاجتماعية النشطة التي كانت تكرس في غالبيتها لتحقيق غرض اجتماعي خيري أو آخر.
يمكن القول ان سر عداء الجمعيات الإسلامية لهذه النوادي ربما يتعلق بـ«خرافة» كونها على علاقة بالماسونية أو غيرها من حركات سرية. أو أن أعضاء هذه النوادي «الاجتماعية» يقومون بمساعدة بعضهم البعض في الحصول على الصفقات والوظائف والترقيات وغير ذلك!!
لا نود مناقشة الاتهام الأول فكل الدلائل تنفيه أصلا، ولكن الاتهام الآخر ليس بتهمة أصلا. فمن الطبيعي، ضمن أي تجمع اجتماعي أو رياضي أو مهني، أن يقوم أعضاؤه بالاتصال ببعضهم البعض عند الحاجة، وهذا التصرف ينطبق بالذات، وبصورة أشد وأقوى، على المنتمين للجمعيات الدينية، وفي الكويت تحديدا! فمراجع أية دائرة حكومية يفاجأ بذلك الكم من الموظفين الملتحين!! كما نجد أن هناك شبه اتفاق على أن هذه الدائرة يديرها السلف وتلك الوزارة يسيطر عليها الإخوان وهكذا مع كل مرفق، ومن الطبيعي الافتراض أن ذلك لم يحدث بصورة عشوائية فلا وجود لحقل بصورة عشوائية فلا بد أن يكون وراء ذلك الحقل زارع وساق. وعليه يمكن القول ان عداء الجمعيات الدينية لنوادي الروتاري وغيرها كامن في منافسة هذه الجهات لها في جمع التبرعات للأعمال الخيرية الحقيقية من جهة ، ولكون هذه النوادي لا تفرق في عضويتها بين أديان ومذاهب وأجناس المنتمين لها، ولا تقصر خدماتها على أتباع مذهب أو دين محدد، ولا تؤمن بالتفرقة، ومن أي نوع كانت، وهذه جميعها تخالف أبسط مبادئ الجمعيات الدينية الخيرية، وتتصادم معها، وبالتالي لم تتردد جمعياتنا الدينية في وصم الروتاري والليونز بأنها أوكار فساد ورذيلة وأذرع للماسونية وأذناب للاستعمار وأتباع للصهيونية العالمية!!
أحمد الصراف
[email protected]