يبدو أن المفردات الثلاث أعلاه، تحتاج إلى أكثر من الموافقة على قوانين وتشريعات! فما فائدة القوانين في مجتمع أو بلد لا تحترم قوانينها؟ وما الذي يضمن سلامة المجتمع بالمزيد من القوانين طالما هناك فئات متعددة، ومن مختلف طبقات المجتمع اعتادت على عدم احترام القانون أو الاعتراف به، بل… مع شديد الأسف، دوسه من دون مبالاة ولا اكتراث؟
المفردات الثلاث: «المولوتوف – القمع – الطائفية»، هي بالنسبة إلي في قاموسي، مترادفات تعطي المعنى نفسه، فغياب العدالة الاجتماعية في البلد، يقود إلى حال من التمييز، فتتكاثر فيروسات الطائفية وتنتشر، ثم مع انتشارها تتسع رقعة المصابين بأوبئة الجوع والفقر والمرض والحرمان، وهذه تدفع في اتجاه مضاد للمجتمع، فيخرج المحروم ليطالب بحقه، ومع شدة المطالبة، سلمية من جهة وهي مقبولة، عنيفة من جهة أخرى وهي مرفوضة، يظهر ذلك السلاح الذي يروج له البعض بأنه «دفاع» عن النفس، ألا وهو زجاجات المولوتوف الحارقة، التي تعتبر معادلا موضوعيا لأسلحة القمع والسحق والهجوم المقصود والعقاب الجماعي… وماذا بعد؟
تزداد قائمة المتضررين من كل هذا وذاك: نصبح جميعا كوننا مواطنين ضحايا لغياب العدالة الاجتماعية، وضحايا للطائفية، وضحايا للقمع، وضحايا للمولوتوف؟ لكن، هل سنصل إلى بر الأمان بعد مكاشفة صريحة وتحركات على مستوى مؤسسة الحكم والرموز الدينية والسياسية في الداخل والخارج لكي نقضي على كل تلك الصور، وإن كان ذلك مستحيلا، ليصبح الصوت المطالب، هو الصوت المحترم في البلد أيا كان اتجاهه المذهبي أو ميوله السياسي؟
ذلك لن يحدث؟ لأن المصيبة أكبر بكثير مما نتصور؟ هي أكبر من القانون وأكبر من الاضطراب الأمني وأكبر من عمليات الكر والفر والمجهول… ذلك المجهول الذي زهق روح الشاخوري، وذلك الكر والفر الذي زهق روح محمد جمعة وعلي جاسم، وهو ذاته الجو الذي زهقت فيه روح ماجد أصغر علي، وهو ذاته الجو الذي تزهق فيه أرواحنا وأرواح أطفالنا وروح ديرتنا، فيما هناك من يتلذذ… من الفئات المخربة التي ذكرتها في الأسبوع الماضي التي شملت ذوي النفوذ، والعصابات السرية، وخطباء الدمار والطائفية، وحملة المولوتوف والسلندرات، والملثمين المجهولين، وأي جهاز حكومي يتلذذ بتعذيب المواطنين.
نعم، لقد تم تمرير مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 والمرافق للمرسوم الملكي رقم (7) لسنة 2008م، والمتعلقة بتجريم المولوتوف، بعد أن وافق مجلس النواب بغالبية الأصوات على تقرير لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بشأنه محيلا إياه إلى مجلس الشورى بصفة الاستعجال، بعد التفاتة النائب غانم البوعينين بتصحيح عبارة: «حيازة العبوات بقصد استخدامها لتعريض أموال الناس أو الأموال العامة أو الخاصة للخطر».
بالنسبة إلي، لست مع استخدام المولوتوف حتى قبل أن تتحرك وزارة الداخلية للمطالبة بتجريمه! فمن دون قانون، كانت قناعاتي الشخصية هي الحرمة الشرعية لإزهاق الأرواح البريئة، وهذا يشمل أيضا تعرض أي مطالب أو مشارك في مسيرة أو متظاهر، لرصاصة أو ضربة تنهي عمره! لكن تحرك الداخلية كان قويا هذه المرة، حتى أنني ناقشت أحد المسئولين الأمنيين في المدى من وراء التجريم، مكررا رفضي لزهق أي روح أو ترويع أي إنسان، فكانت إجابته بأنه من حقي أن أتظاهر وأطالب وأرفع صوتي بالمطالب المشروعة على ألا أستخدم المولوتوف.
إذن، القانون تحصيل حاصل بالنسبة إلي شخصيا، لكن، وددت العودة إلى مجلس الوزراء قبل الختام، لنعيد التذكير بأن المجلس وجّه وزارة الإعلام إلى متابعة المنتديات الإلكترونية التي تحض على مشاعر الكراهية والتحريض والفتنة، وتطبيق القانون والأنظمة واللوائح ضد المواقع المخالفة. كما وجّه وزارة العدل والشئون الإسلامية إلى ضمان عدم استغلال المنابر في أمور تكرّس الطائفية وتؤجج المشاعر التحريضية.
المجلس تمنى يومذاك من السلطة التشريعية سرعة إقرار مشروع قانون بتعديل قانون العقوبات لتجريم حيازة واستخدام الزجاجات الحارقة «المولوتوف» باعتبار أنها أصبحت من الأسلحة الخطيرة التي يحوزها الخارجون عن القانون، ويستخدمونها ضد رجال الأمن، وها هي قد فعلت، وفي انتظار فعل مجلس الشورى… لكن، في انتظار محاسبة الطائفيين والقمعيين ومثيري الأحقاد والداعين إلى تعليق المشانق وإراقة دماء بحرنيية لكن لونها مختلف!