بعدما أدخل البعض الكويت في «كرتون» ووضعها في غرفة المخزن، وانصرف إلى فئته وطائفته، لا أعتقد بأننا نحتاج إلى أغان وطنية كما نحتاجها اليوم، بشرط أن تكون الأغاني أغاني بالفعل. إذ إن بعض الأغاني الوطنية، التي نسمعها هذه الأيام، تسقط الجنين من بطن أمه لشدة سخافتها وسطحيتها، في حين يشعل بعضها الدماء في الرؤوس ويفجر براكين الحماسة في القلوب.
كثيرا ما بحثت، لكن من دون فائدة، عن أغنية «الدار تشره علينا»، التي صاغ كلماتها بحرفنة واقتدار الشاعر الكبير المرحوم مرشد البذالي، وتغنى بها الفنان سليمان الملا. هاكم بعض كلماتها: «حنا فدايا البلد، والدار تشره علينا، وقت اللوازم نبين/ الحين والاّ بعد، محْدن تهقوا وطنا، من ماضيات السنين/ كوبان يا من قعد، ما شفت فعل النشاما، لطامة العايلين/ لعيون ضافي الجعد، لا صوتنّ العذارى، بالصوت يا الطيبين»، (كلمة «كوبان» تقال للتوبيخ، و«ضافي الجعد» تعني طويلة الشعر) . والشاعر هنا يصور الحروب كما كانت تجري في السابق، عندما كانت كل عذراء جميلة ترمي بوشاحها لتكشف عن شعرها، وهو من كبائر الأمور حينذاك، ثم تقوم بنداء الفرسان بأسمائهم، متجاهلة الجبناء، فيتقدم الرجال إلى المعركة وهم سكارى… هذه القصيدة، على الرغم من بساطة مفرداتها إلا أن أنياب كلماتها بارزة بشراسة مرعبة، تفوح منها رائحة التحدي والفخر والاعتزاز والاعتداد… هذه هي الأغاني الوطنية، «والاّ اقعد عند أمك». متابعة قراءة «الدار تشره علينا»
اليوم: 27 مارس، 2008
على ضفاف شواطئ الديموقراطية الكويتية
نرجو من الحكومة المقبلة ان تفعّل وبشكل جاد عملية «اعفاء» الوزراء والمسؤولين المقصرين دون انتظار عمليات الاستجواب النيابية لا أن تضعهم على اكتافها فيغرقون ويغرقونها معهم، كما نرجو ان يتم ابعاد المسؤول غير الصادق ومحدود القدرات عن التشكيل القادم حتى لا يتورط البلد مرة اخرى بأقواله وافعاله.
ضمن ثقافة الماضي الخاطئة كان الناس يهللون ويصوتون للمرشح الذي يقول بشكل مسبق إنه يرفض التوزير الذي لا يمكن ان تشكل حكومة دستورية دونه، وقد اكتشفنا بعد تجارب مريرة ومحزنة ان ذلك القول قد يكون نقيصة في حق المرشح لا اضافة كما يعتقد البعض حيث انه قد يعني رغبة المرشح المسبقة في خلق الازمات والاستجوابات المتتالية التي تعطل حال البلد وتوقف مسيرة التنمية فيه، لننتخب هذه المرة وكنوع من التغيير الايجابي المرشح الموجب – لا السالب او الغاضب – الذي يبدي استعداده للعمل والمشاركة في الحكومة لتحويل اقواله واحلامنا الى افعال.
نرجو ان يركز في اختيار الوزراء على ان يكونوا من الاذكياء والمبرزين في مجال عملهم فمثل هؤلاء يضمنون لنا عدم تكرار صدور قرارات متعجلة يتم النكوص اللاحق عنها بعد اكتشاف الآخرين لنواقصها وهو ما يؤثر بشكل كبير على هيبة الحكومة ومصداقيتها امام الناس، في الدول المتقدمة وفي الشركات العالمية الكبرى يعطى الاذكياء والمتميزون الملايين كي يقبلوا العمل، لدينا وبنفس الراتب يمكن الحصول على اذكى واكفأ الناس او بالمقابل على أسوئهم والخيار لنا.
مع تشكيل كل حكومة جديدة يجب ان يقدم جميع رؤساء واعضاء مجالس ادارات المؤسسات والشركات الحكومية استقالاتهم كي يتاح للوزراء الجدد الاحتفاظ بالأكفاء والمقتدرين والتخلص من الخيارات الخاطئة وما اكثرها في دهاليز مؤسسات الدولة دون احراج وبأسهل الطرق والوسائل، وللعلم فان حداثة التعيين قد لا تعني على الاطلاق الكفاءة والامانة والقدرة المميزة، بل قد تعني ان هناك من «يسخن» الاجواء لأخطاء وكوارث كبرى قادمة، والتلميح اليوم يغني عن التصريح في الغد.
نأمل ألا يكون صحيحا ما تردد عن عزوف نواب افاضل امثال صالح الفضالة ومشاري العنجري واحمد باقر عن الترشيح، فالثلاثة اداؤهم متميز جدا ولا غنى للمجلس عنهم، بالمقابل نسمع عن احتمال عودة النائب الكفؤ والعاقل عبدالوهاب الهارون للعمل السياسي، وأود شخصيا ان يدخل ضمن التشكيلة الحكومية القادمة ان كان ترشيحه سيؤثر على بعض المعادلات السياسية القائمة في الدائرة، بوراشد اضافة حقيقية للعمل السياسي الكويتي ونرجو ان نراه نجما كعادته في المجلس القادم في صفوف النواب او الوزراء لا فرق.
اصوات النساء سيكون لها دور حاسم في دفع العقلاء والحكماء للمجلس، فهذا ديدن النساء ممن يغلب على ادائهن في جميع انحاء العالم الرزانة والهدوء وعدم التأثر بالاطروحات المدغدغة، نرجو ان تضم بعض القوائم الرجالية اسماء نسائية كي تفيد وتستفيد، ولتكسر الموروثات العربية الخاطئة تجاه النساء والتي تتسبب في بعض الاحيان في عدم فوزهن بالانتخابات النيابية حتى نشعر هذه المرة اننا في الكويت «غير» بطريقة ايجابية لا سلبية.
العالم 100 فرد
يبلغ سكان الارض 6 مليارات ونصف المليار تقريبا، ولكن لو افترضنا ان العدد 100 فرد فقط لوجدنا ان البشرية ستبدو كالتالي:
57% آسيويون، 21% اوروبيون، 14% اميركيون، من الشمال والجنوب و8% افارقة، ولتبين لنا كذلك ان 52% اناث والباقي ذكور، وان نسبة الملونين من المائة هي 70. إما 30% فقوقازيون، ولوجدنا ايضا ان 6% فقط يمتلكون 59% من ثروات العالم، وجميعهم يعيشون في اميركا، وان 80% من سكان العالم يعيشون في حالة مزرية، ولتبين لنا ايضا ان 70% منهم غير متعلمين و50% لا يجدون الطعام الكافي، وان واحدا سيموت كل يوم، وسيولد اثنان في اليوم نفسه، ولدى واحد في المائة فقط جهاز كمبيوتر، وبين المائة واحد يحصل على شهادة جامعية.
وبالتالي لو نظرنا الى العالم بملياراته الستة والنصف بهذا المنظار، لوجدنا ان الجنس البشري بحاجة ماسة للتكاتف والتضامن والتفاهم والصبر بعضهم على بعض، واننا جميعا بحاجة اكثر للتعلم بعضنا من البعض وان نحب الاخر. فلو قمت من نومك غدا وانت بصحة جديدة، فانت اكثر حظا من مليون فرد لن يمر اسبوع الا ويكونون قد فارقوا الحياة.
واذا لم يسبق لك ان عانيت من مآسي الحروب او دخلت السجن او تعرضت للتعذيب او الجوع، فانت اكثر سعادة وحظا من 500 مليون انسان يتعرضون في اي لحظة لهذا النوع من العذاب والالم والخطر.
واذا كان بامكانك ممارسة ديانتك بالطريقة التي ترغب فيها والدخول الى دار عبادتك من دون خوف على حياتك او ان تعتقل، فأنت اكثر سعادة من ثلاثة ملايين شخص في العالم لا يمتلكون هذا الحق، ولا ننسى هنا حادثة مسجد البهرة وغيرها المئات.
واذا كان لديك طعام في البراد وزوج احذية وفراش تنام عليه وسقف يؤويك ولا تشعر بالبرد القارس فانت اكثر سعادة وغنى من 75% من سكان المعمورة، اما اذا كان لديك حساب مصرفي وفي محفظتك بعض النقود فانت واحد من 8% فقط من سكان الارض.
واذا كنت تقرأ الآن هذه العبارات فهناك مئات الملايين الذين لا يستطيعون القيام بذلك، لسبب او لآخر، وقديما قيل عليك بالعمل وكأنك لست بحاجة للمال، وان تحب وكأنك لم تذق طعم الفشل، وان ترقص وكأن لا احد يراقبك وان تغني وكأن لا احد يسمعك، فالحياة جنة وومضة من السعادة!!
اذا اعجبك هذا النص اطلب من سبعة على الاقل من احبابك او اهلك قراءته او قم بالطلب من شريك حياتك الاطلاع عليه، وان لم تفعل ذلك فلن يحدث لك شيء.
على العموم دع القلق وابدأ الحياة، فانت لا تعرف كم انت صاحب حظ عظيم في هذه الحياة المليئة بالشرور والمشاكل والفقر والمرض.
ملاحظة: بينت دراسة لمعهد «غالوب» ان نسبة الراديكاليين في العالم الاسلامي تبلغ 7%، ولو طبقنا النسبة على العرب المسلمين لوجدنا ان عددهم لا يزيد على 20 مليونا وهؤلاء يعتقدون جازمين أنهم افضل من ستة مليارات و500 مليون من البشر!! ولو علمنا ان الغالبية الساحقة من البشر عراة فقراء معدمون اميون من غير دواء ولا طعام ولا تعليم!! فهل نظرة راديكاليينا الدونية لهؤلاء المعدمين المرضى والمعوزين تستحق اخذها بالاعتبار واحترامها، هذا على افتراض ان هؤلاء المسلمين الراديكاليين هم حقا افضل من غيرهم؟
أحمد الصراف
habibi [email protected]
الهاربون من الحياة… أيضا!
نقلت قبل مدة، صورة لوضع الشباب والناشئة في كثير من مناطق البلاد، وخصوصا في قرى المحافظة الشمالية، إذ يعز على الكثيرين أن يجدوا مرفقا شبابيا ثقافيا أو رياضيا أو اجتماعيا يلم شتاتهم ويستقطبهم ليمنحهم ما ينفعهم…
هؤلاء، الذين يحتاجون إلى رعاية الدولة، ليسوا سوى أناس لهم كل الحق في أن تكون لهم مرافقهم كونهم شبابا وناشئة وأطفالا أيضا، وفي المقابل، نقلت صورة أولئك الشباب الضائع، وأسميتهم «الهاربون من الحياة»، وكنت قد وعدت بمواصلة الموضوع، وهذا هو لقاؤنا الثاني المتعلق بقضية الشباب في القرى، وتعالوا وانظروا معي إلى هذه الصورة: في غاية الانسجام كان ذلك الشاب الذي جلس القرفصاء على كرسي طويل في إحدى الحدائق الصغيرة الحديثة الجميلة بإحدى القرى… متأملا إلى أبعد درجات ومعاني التأمل… هادئا لا يتحرك من شدة هدوئه… كأنه يتذوق تلك اللحظات بكل ما فيها من سعادة ورونق وألق ومذاق لا مثيل له… من حسن الحظ لم يكن هناك إلا قلة من الأطفال الذين راح بعضهم يلعب في حوض الرمل، فيما كان الآخر يتمايل مسرورا على الأرجوحة… أما هو فقد كان في تأمله الذي لم يتوقف… مضى الوقت، ولم تنتهِ لحظات التأمل… لكن أتدرون لماذا كل هذا؟
لأن الأخ، قد انتهى للتو من أخذ حقنة من المخدرات! أو ربما ابتلع قرصا من الأقراص التي تنتشر بين الشباب هذه الأيام، وأكمل وقته جالسا كالصنم، اللهم إلا من بعض أنفاس تروح وتجيء!
كيف بالله عليكم تكونت هذه الجرأة واللامبالاة لدى هؤلاء لكي يتعاطوا المخدرات في الحدائق ويشكلوا خطرا حتى على الأطفال؟ لابد من أن يكون هؤلاء تحت أعين المراقبة والصرامة من جانب الجيران، لأنهم يمثلون خطرا على الجميع… وإذا كان بعض الناس في بعض القرى قد عملوا منذ سنين على رفض دخول الدوريات الأمنية مناطقهم (وهذا حصل بالتأكيد في بعض المناطق)، فعليهم الآن أن يتعاملوا مع مروجي ومدمني المخدرات الذين يسرحون ويمرحون بكل حرية وطمأنينة.
هنا، تجد سيارة متوقفة خلف بيتك وفيها مجموعة من ثلاثة إلى أربعة من الشباب، وكل واحد منهم يحقن الآخر… هناك، بالقرب من منطقة الزرايع، وكر للحشاشة… وفي زاوية من المقبرة، وكر آخر!
في البحرين، وطبقا لما يقوله العارفون، فإن الفئة العمرية بين 15 و30 سنة هي الأكثر عرضة للإدمان ولديها استعداد عال للوقوع في الإدمان، ولهذا، يصبح دور الأسرة والمدرسة والمجتمع أيضا مهما في الاكتشاف المبكر حتى لا نخسر المزيد… ففي النصف الأول من العام 2007 توفى 12 شخصا، وفي العام الذي سبقه، أي في العام 2006، فإن عدد المتوفين بلغ 35 شخصا من بينهم 19 امرأة، بسبب جرعة مخدرات زائدة.
وسواء كانت الجرعة زائدة أم قاصرة، المشكلة ليست هنا! المشكلة تكمن في أن ظاهرة تعاطي المخدرات، تحصل على «الدلع» من هنا وهناك، بأنها لا تشكل ظاهرة، ولا تقلق المجتمع ولا… ولا… وهي تزداد يوما بعد يوم لتستقطب الهاربين من الحياة…
متى نحذر؟… الله أعلم!