محمد الوشيحي

يُسجن الاثنان

قبل أشهر، وفي حديثي للبرنامج الإذاعي «قضايا برلمانية»، الذي استضافني والنائب الدكتور علي العمير، تمنيت حل المجلسين، الأمة والوزراء، وإجراء الانتخابات بموجب الدوائر الجديدة، الخمس، لعل وعسى. فحكومة مثل هذه لا تستطيع إدارة «بقالة» فما بالك بدولة، حكومة لا خطة لها، وبرلمان مثل هذا كفيل بتجفيف بحيرة فيكتوريا في ليلة واحدة. قلت ما يشبه ذلك في حين كان النائب يرى بأن «الدنيا ربيع والجو بديع». وقد يكون محقا في رؤيته تلك، فالدنيا ربيع بالنسبة له أو لبعض النواب. لكنه صرح بالأمس، وبعد إعلان الحكومة عدم التعاون مع البرلمان، بأن المجلسين يتحملان المسؤولية. رحم الله والديك يا دكتور.
أمس، وبعدما قدم الوزراء كتاب عدم التعاون مع البرلمان لرئيس الحكومة ليرفعه لنائب الأمير، خشيت أن يكون الموضوع مجرد «تهويشة» أو تهديد للنواب لفترة لا تتجاوز الثلاثة أيام  مصحوبا برسالة شديدة اللهجة مفادها: «راجعوا مواقفكم وتصريحاتكم، ماذا وإلاّ». على أن تتقمص الحكومة خلال الفترة هذه شخصية جمال عبد الناصر الذي دمّر مصر ودمّر حناجر المصريين البسطاء المطالبين ببقائه… خشيت ذلك، ولكن بعد انقشاع غبار المفاجأة، وجدت بعضا من الحق في صف الحكومة، وإن كانت الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من أسباب تردي الأوضاع. فهنا نائب عاكسته الظروف فتأخر عن معركة ذات الصواري، التي كان من المقرر أن يقودها هو لا عبد الله بن أبي السرح، ووصل متأخرا بسبب زحمة الدائري الرابع، فقرر ومن باب التعويض بأثر رجعي أن يهدم رأس رئيس الحكومة الكويتية إذا هدم أي ديوانية! لا سبيل للمزاح مع قادة الحروب… طبعا هناك غيره الكثير من النواب الذين التبس عليهم الوضع فاعتقدوا بأن قاعة البرلمان لا تختلف كثيرا عن ساحة البنك فرع الصباحية (كانت الساحة تلك تحديدا، ولا أدري لماذا، مكانا للخناقات المبيتة وتصفية الحسابات. الدفع كاش).
على أي حال، أعتقد بأن المتضرر الأكبر من قبول استقالة الحكومة وحل البرلمان، إذا ما حل، هو النائب مشاري العنجري، الشريك بالنصف في الحكومة، والنائب حسين الحريتي الذي سندعمه بكل ما نملك. أما المستفيد الأكبر فهو الملياردير الجديد أحمد المليفي، الذي تلقى إشارة التقدم فلم يتأخر.
أما المتضرر الذي قد لا ينتبه له أحد، فهو الوطن الذي دهسته أقدام الكبار فانكمش وانزوى في إحدى الزوايا المظلمة يبكي جور أبنائه.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *