لن آتي بجديد ان قلت إنني لم اسمع من قبل بالمطرب حسين الاحمد، ولكن الكلمات التي وردت في الصحافة على لسانه بخصوص خبر اعتزاله وانضمامه الى تنظيم القاعدة الارهابي استوقفتني كثيرا! فها هنا نرى شابا يافعا آخر يسقط في فخ القاعدة، واسرة اخرى تفجع بابن لها قد لا تراه مرة اخرى! ما قام به المطرب حسين ليس غريبا، الغريب ربما يكمن في تأخر انضمامه الى التنظيم، فلهذا التنظيم الارهابي العالمي قيادة وجند يعملون في الكثير من الدول، والكويت ليست استثناء، واهدافه لا تنحصر في قتل المناوئين له بل في خلق قواعد «نائمة» تكون بامرته عند الحاجة، وبالتالي من الممكن الافتراض انه تنظيم حي ومتغلغل في الداخل، وله مؤيدوه ومحازبوه وناشرو افكاره من وزراء ونواب ومفسري احلام وصحافيين وأئمة مساجد وخطباء جمعة وغيرهم الكثير، سواء أكان ذلك بعلمهم أم بغير ذلك.
فالفكرة التي دفعت حسين الاحمد ليترك الى الابد امه واهله واصحابه ووطنه وكل ما له علاقة بتراثه، لم تكن حتما وليدة اليوم والساعة التي قرر فيها الهجرة الابدية والانضمام الى القاعدة! فهو، ومن واقع ما سمعت عنه وعن نجاحه في عمله، لم يكن ساذجا محدود الذكاء، ومن المنطقي الافتراض بالتالي ان مؤثرات عدة ساهمت في تكوين فكره الذي دفعه في نهاية الامر لاتخاذ قراره المصيري الخطير ليصبح محاربا شرسا في تنظيم اكثر شراسة وليختار الامساك بالرشاش وقتل البشر، ايا كانوا، دون سؤال، بدلا من امساك المايكروفون وامتاعهم بجمال فنه!
ما دفع حسين ليصبح ذلك الارهابي، ونتمنى ان نكون مخطئين وان يعود الى وطنه واهله سالما معافى، هو جو الدولة الدينية الذي نعيش فيه جميعا! فغالبية وسائل الاعلام الرسمية والخاصة تروج للفاسد من الآراء وتستضيف الجهلة والسحرة لتولي مهمة افساد النشء وتفسير الغريب من احلامه وتصوير الدنيا وكأنها وكر افاع، وان لا امل يرجى من الدنيا ومن فيها، وان من الخير معاداة الاخرين، الذين تطوع حسين وغيره لمقاتلتهم والقضاء عليهم، وكأنهم عصبة اشرار يستحقون القتل بدم بارد، او من دون دم اصلا!
ان امعان النظر حولنا ستبين لنا بجلاء اننا نعيش في دولة الفكر الواحد والعقل الواحد والمنطق المنغلق الواحد، فاللافتات واللوحات والعبارات الدينية الصارمة تغطي الكثير من المباني واسوار المدارس واعمدة الجسور، كما ان المجلات والصحف تمتلئ بالمطويات والفلايرات الصارخة والحاثة على كره الآخر ونبذه، وقتله! والقنوات التلفزيونية تحذرنا من الآخر ايضا وتحثنا على مقاطعته وعدم التعامل معه، وتصوير ان كل ما في مجتمعاتنا من موبقات وشرور مصدرها الغرب، وهو بالتالي يستحق الكفر به ومحاربته والقضاء عليه!
يقول حسين في مقابلة صحفية ان سبب «هدايته» يعود الى منام رآه! وهذا يعني انه لجأ الى من يفسر ذلك المنام له، وصور هؤلاء المفسرين تتصدر الصفحات الرئيسية لصحف محددة كل يوم، وتخصص لهم ساعات بث تلفزيونية طويلة ونسمع بهم من خلال وسائل اعلام مسموعة، فكيف يمكن حماية النشء من كل هذه الخزعبلات والسموم والتخلف الفكري المنتشر! الا تساهم كل هذه الجهات في نشر فكر القاعدة، بعلم او بغير ذلك، وتزويده بما يحتاجه من وقود مادي وبشري!
واين السيد عصام البشير المدير السودانيلمشروع «المركز العالمي لنشر الوسطية» التابع لوزارة الاوقافالكويتية الذي استولى عليه «الاخوان المسلمون» من هذا الشاب وغيره العشرات الذين انخرطوا في تنظيم القاعدة المتطرف؟ وكيف فشلوا على مدى سنوات ثلاث، وبعد صرف اكثر من 50 مليون دولار على مشروعهم الهلامي والغث، في منع وصول الفكر المتطرف الى عقل وفكر هذا الشاب وغيره؟
وبعد كل ذلك هل ستستغربون ان سمعتم يوما بانضمام «احمد الصراف» الى تنظيم القاعدة؟
أحمد الصراف
[email protected]