قبل أشهر، وفي حديثي للبرنامج الإذاعي «قضايا برلمانية»، الذي استضافني والنائب الدكتور علي العمير، تمنيت حل المجلسين، الأمة والوزراء، وإجراء الانتخابات بموجب الدوائر الجديدة، الخمس، لعل وعسى. فحكومة مثل هذه لا تستطيع إدارة «بقالة» فما بالك بدولة، حكومة لا خطة لها، وبرلمان مثل هذا كفيل بتجفيف بحيرة فيكتوريا في ليلة واحدة. قلت ما يشبه ذلك في حين كان النائب يرى بأن «الدنيا ربيع والجو بديع». وقد يكون محقا في رؤيته تلك، فالدنيا ربيع بالنسبة له أو لبعض النواب. لكنه صرح بالأمس، وبعد إعلان الحكومة عدم التعاون مع البرلمان، بأن المجلسين يتحملان المسؤولية. رحم الله والديك يا دكتور. متابعة قراءة يُسجن الاثنان
اليوم: 18 مارس، 2008
الفوضى على أعتاب القرن 21
النفط 110 دولارات، الذهب يقارب الألف دولار للأونصة في سعر تاريخي، والحال كذلك مع القمح والذرة والأرز التي تضاعفت أسعارها وأصبح حال العالم المتقدم مع العالم المتخلف أشبه بلعبة عض الاصابع الدامية فالغرب يؤلمه الغلاء الذي اصاب العالم، الا انه قادر على التحمل، اما دول الجنوب فمهددة بفوضى سياسية وأمنية لا تبقي ولا تذر على معطى الغلاء الاقتصادي الذي أجاع الجائعين وأساء لعيش البائسين، ما بات يهدد بعشرات الانفجارات الأمنية في كثير من الدول الفقيرة والمكتظة بالسكان.
وإن كانت هناك فائدة وحيدة للغلاء الفاحش والكافر فهي إظهاره الحاجة الماسة لتحديد النسل في دول العالم الثالث البائس، ويرى البعض ان مشاكل كثرة «الخلفة» مسؤول عنها في النهاية رب الأسرة المعنية، والحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فالأبناء الزائدون عن الحاجة يمتصون الأموال العامة التي تتكفل بعلاجهم وتدريسهم وتوظيفهم والصرف عليهم حال سجنهم (!) ومن ثم تمتص غلطات الآباء خيرات البلدان التي يجب ان تصرف على الجميع.
إن الوجه الآخر لإزالة التعديات والمخالفات في الكويت يعني تحديد الآباء لعدد الأبناء، فلا يوجد بيت في بلدنا مهما صغر لا يحتوي على 4 – 5 غرف نوم، والواجب ان يكتفي الجميع بهذا العدد الوافي لخلق اسر صغيرة سعيدة يتم الاعتناء بتربية ودراسة ابنائها والصرف عليهم لتطوير ادائهم بما ينفعهم وينفع المجتمع، لا أن يستمتع الآباء بالزيجات المتعددة ثم يضطروا للتعدي على املاك الدولة التي يملكها الشعب كافة لإيجاد مأوى للأعداد المتزايدة من الأبناء.
إن الأمم المتقدمة تخطط لمزيد من الرفاه عبر توزيع ثرواتها المتعاظمة على اعداد متناقصة من السكان، بينما تخطط الدول المتخلفة والفقيرة للمزيد من الفقر والتخلف عبر الزيادات الكوارثية في السكان ثم تلقي باللائمة بعد ذلك في معاناتها المعيشية على حكوماتها القائمة، وكان الله في عون حكومات العالم الثالث على شعوبها التي لا تكتفي من الحنّة والرّنة والشّنة.
آخر محطة:
استمعت لخطاب قائد ثوري «بترولي» قال فيه انهم فشلوا خلال 40 عاما من حكمه المجيد والمديد في صرف عوائد البترول بطريقة صحيحة على الشعب، لذا قرر «نيافته» توزيع عوائد البترول بالتساوي بين الناس بدءا من العام المقبل، حيث سيحصل كل مواطن، حسب قوله، على 20 الف دولار شهريا، اي ان كل عائلة في بلده ستحصد ما معدله 120 الف دولار في الشهر، ومما لاحظته ان احدا لم يصفق او يبتهج بتلك المقولة او البشارة التي ثبت تكرارها كل عام في العقدين الماضيين، والمستغرب ان الخطاب الجاد لم يتم إلقاؤه في… بداية شهر ابريل! عجيبة!
أحمد الصراف وتنظيم القاعدة
لن آتي بجديد ان قلت إنني لم اسمع من قبل بالمطرب حسين الاحمد، ولكن الكلمات التي وردت في الصحافة على لسانه بخصوص خبر اعتزاله وانضمامه الى تنظيم القاعدة الارهابي استوقفتني كثيرا! فها هنا نرى شابا يافعا آخر يسقط في فخ القاعدة، واسرة اخرى تفجع بابن لها قد لا تراه مرة اخرى! ما قام به المطرب حسين ليس غريبا، الغريب ربما يكمن في تأخر انضمامه الى التنظيم، فلهذا التنظيم الارهابي العالمي قيادة وجند يعملون في الكثير من الدول، والكويت ليست استثناء، واهدافه لا تنحصر في قتل المناوئين له بل في خلق قواعد «نائمة» تكون بامرته عند الحاجة، وبالتالي من الممكن الافتراض انه تنظيم حي ومتغلغل في الداخل، وله مؤيدوه ومحازبوه وناشرو افكاره من وزراء ونواب ومفسري احلام وصحافيين وأئمة مساجد وخطباء جمعة وغيرهم الكثير، سواء أكان ذلك بعلمهم أم بغير ذلك.
فالفكرة التي دفعت حسين الاحمد ليترك الى الابد امه واهله واصحابه ووطنه وكل ما له علاقة بتراثه، لم تكن حتما وليدة اليوم والساعة التي قرر فيها الهجرة الابدية والانضمام الى القاعدة! فهو، ومن واقع ما سمعت عنه وعن نجاحه في عمله، لم يكن ساذجا محدود الذكاء، ومن المنطقي الافتراض بالتالي ان مؤثرات عدة ساهمت في تكوين فكره الذي دفعه في نهاية الامر لاتخاذ قراره المصيري الخطير ليصبح محاربا شرسا في تنظيم اكثر شراسة وليختار الامساك بالرشاش وقتل البشر، ايا كانوا، دون سؤال، بدلا من امساك المايكروفون وامتاعهم بجمال فنه!
ما دفع حسين ليصبح ذلك الارهابي، ونتمنى ان نكون مخطئين وان يعود الى وطنه واهله سالما معافى، هو جو الدولة الدينية الذي نعيش فيه جميعا! فغالبية وسائل الاعلام الرسمية والخاصة تروج للفاسد من الآراء وتستضيف الجهلة والسحرة لتولي مهمة افساد النشء وتفسير الغريب من احلامه وتصوير الدنيا وكأنها وكر افاع، وان لا امل يرجى من الدنيا ومن فيها، وان من الخير معاداة الاخرين، الذين تطوع حسين وغيره لمقاتلتهم والقضاء عليهم، وكأنهم عصبة اشرار يستحقون القتل بدم بارد، او من دون دم اصلا!
ان امعان النظر حولنا ستبين لنا بجلاء اننا نعيش في دولة الفكر الواحد والعقل الواحد والمنطق المنغلق الواحد، فاللافتات واللوحات والعبارات الدينية الصارمة تغطي الكثير من المباني واسوار المدارس واعمدة الجسور، كما ان المجلات والصحف تمتلئ بالمطويات والفلايرات الصارخة والحاثة على كره الآخر ونبذه، وقتله! والقنوات التلفزيونية تحذرنا من الآخر ايضا وتحثنا على مقاطعته وعدم التعامل معه، وتصوير ان كل ما في مجتمعاتنا من موبقات وشرور مصدرها الغرب، وهو بالتالي يستحق الكفر به ومحاربته والقضاء عليه!
يقول حسين في مقابلة صحفية ان سبب «هدايته» يعود الى منام رآه! وهذا يعني انه لجأ الى من يفسر ذلك المنام له، وصور هؤلاء المفسرين تتصدر الصفحات الرئيسية لصحف محددة كل يوم، وتخصص لهم ساعات بث تلفزيونية طويلة ونسمع بهم من خلال وسائل اعلام مسموعة، فكيف يمكن حماية النشء من كل هذه الخزعبلات والسموم والتخلف الفكري المنتشر! الا تساهم كل هذه الجهات في نشر فكر القاعدة، بعلم او بغير ذلك، وتزويده بما يحتاجه من وقود مادي وبشري!
واين السيد عصام البشير المدير السودانيلمشروع «المركز العالمي لنشر الوسطية» التابع لوزارة الاوقافالكويتية الذي استولى عليه «الاخوان المسلمون» من هذا الشاب وغيره العشرات الذين انخرطوا في تنظيم القاعدة المتطرف؟ وكيف فشلوا على مدى سنوات ثلاث، وبعد صرف اكثر من 50 مليون دولار على مشروعهم الهلامي والغث، في منع وصول الفكر المتطرف الى عقل وفكر هذا الشاب وغيره؟
وبعد كل ذلك هل ستستغربون ان سمعتم يوما بانضمام «احمد الصراف» الى تنظيم القاعدة؟
أحمد الصراف
[email protected]