مشكلة إيران ليست مع دول العالم ولا مع «الشيطان الأكبر»، كما تدعي هي، بل مع نفسها ومع الجمارك. فبدلا من تصدير الزعفران الذي اشتهرت به قامت بتصدير القلاقل وأعلام أميركا المحترقة والهتافات: تسقط أميركا، تسقط إسرائيل. إيران خاطت أعلام أميركا أكثر من أميركا نفسها. خاطتها وأحرقتها. لكن محبّي إيران لا يخافون عليها، فلديها مخزون استراتيجي من الأعلام الأميركية والإسرائيلية.
إيران مختلفة ومتفردة في كل شيء، حتى في احتفالاتها، إذ لم أسمع أو أقرأ ولو بالصدفة أن إيران احتفلت بعيد الأم أو عيد الحب، بينما قرأت وسمعت وشاهدت كثيرا احتفالاتها بإنتاج صواريخ الدمار وألغام البحار. متابعة قراءة فقط… يتابع فوزية الدريع
اليوم: 13 مارس، 2008
كل رجال الرئيس عبدالناصر
كانت مصر العهد الملكي مليئة برجال السياسة الأكفاء والشرفاء من خريجي أرقى وأكبر الجامعات العالمية وما ان حلت نكبة 23/7 حتى استبعد هؤلاء جميعا عن مركز القرار وصدرت ضدهم الأحكام التعسفية واستبدلوا بحفنة من أكثر الرجال جهلا وحماقة في تاريخ مصر الطويل.
ولم يترك رجال الرئيس ناصر خطأ جسيما أو خطيئة كبرى إلا ارتكبوها فقد سرقوا ثروات مصر ونهبوا قصورها وبطشوا بالشعب وأرعبوه وعمموا اشتراكية الفقر وخلقوا نظام الطوابير الذي لم تعرفه مصر من قبل وساهموا في ضياع السودان وغزة وانفصال سورية واحتلال سيناء (مرتين) وخسروا بجدارة – وهم العسكر أصحاب الرتب – جميع الحروب التي دخلوها (56، 67، الاستنزاف).
وبسبب هؤلاء «الغزاة» ساءت علاقات مصر بجميع الدول العربية رغم رفعهم الشعار الكاذب عن وحدة العرب، ولم يكتفوا بتحويل ديموقراطية مصر إلى حكم قمعي جائر، بل سعوا ونجحوا في زرع انقلابات عسكرية أحالت كثيرا من عواصم الحضارة العربية الى أنظمة مستبدة بعد ان كانت شعوب تلك البلدان تتمتع بالرفاه الاقتصادي والديموقراطيات والحريات الصحافية.
وتظهر محاضر محكمة الغدر عام 53 إباء وعزة وكفاءة وقوة منطق رجال العهد الملكي بينما تظهر محاضر محاكمات رجال عبدالناصر عام 71 هلعهم الشديد وجبنهم وأنانيتهم المطلقة عبر محاولة كل واحد منهم إلقاء اللائمة على الآخرين وتبرئة نفسه، لقد كانوا أسودا على الشعب الأعزل وأرانب في مواقف الرجولة والشرف، ويكفي انهم كانوا يملكون القرار في الجيش والداخلية والإعلام والاتحاد الاشتراكي إلا أن الرئيس السادات أطاح بهم جميعا بضربة واحدة وتغدى بهم قبل أن يتعشوا به ويقودوا مصر الى هزيمة عسكرية جديدة كعادتهم.
فقد شهد ضمن محاضر تلك المحاكمات وزير الحربية محمد فوزي ضد وزير الداخلية شعراوي جمعة، كما اعترف علي صبري نائب رئيس الجمهورية على عبدالمحسن أبوالنور أمين عام الاتحاد الاشتراكي وقال انه من دفعه للهجوم على الرئيس السادات، قائلا له «خش عليه جامد»، كما أرسل سامي شرف وضياء الدين داود رسائل استعطاف مذلة للرئيس السادات ولسيد مرعي ملقيين كامل الذنب على رفقائهما، متعهدين باعتزال العمل السياسي إن أطلق سراحهما.
آخر محطة:
وتظهر مذكرات طبيب عبدالناصر الخاص د.الصاوي حبيب ان الرئيس كان مرهوب الجانب من الدائرة المحيطة به إلا أنه دخل عليه أكثر من مرة ورأى هيكل يجلس أمامه واضعا ساقا على ساق وينفخ دخان السيجار نحوه، الأكيد ان عبدالناصر وقمعه وهزائمه كان صنيعة هيكل ولم يكن هيكل صنيعة عبدالناصر كما يعتقد كثيرون، وعندما حاول الأول ان يبعد الثاني عام 70 صعدت روحه سريعا إلى بارئها رغم ان تقاريره الطبية كانت مطمئنة كما يروي طبيبه الخاص.
مأساتي الجسر والأغطية
أحمد الصراف
تقع منطقة الصبية قبالة الجهة الشمالية الغربية من العاصمة. ويتطلب الوصول لتلك المنطقة حاليا قيادة السيارة لمسافة تزيد عن التسعين كيلومترا. وبناء الجسر سيقصر المساحة الى الربع تقريبا، او اقل من ذلك، ويحبذ بالتالي الاسراف في بناء الجسر لتنمية تلك المنطقة وجعل السكن فيها مريحا. ولكن هناك مشكلة تتعلق بنقطة انشاء الجسر. فآراء المستشارين حددت المسارات التالية له:
المسار B4 وينطلق من الطريق الدائري الاول الى مركز مدينة الصبية.
المسار B5 وينطلق من الدائري الثاني الى مركز المدينة.
المسار B1 وينطلق من طريق الغزالي السريع الى مركز المدينة.
وقد أوصى المستشار البيئي بالابتعاد عن المسار الاخير B1، الذي ينطلق من الغزالي السريع، ليس فقط لانه الاطول والاكثر كلفة، بل لانه الاكثر تأثيرا، بسبب طول مساره، في البيئة، والاكثر خطورة لقربه اكثر من المحميات والحاضنات الطبيعية لاجود انواع السمك في العالم.
يقال، ولسنا جهة تدعي المعرفة، بأن وزارة الاشغال، ووكيلها المساعد لشؤون الطرق بالذات، السيد حسين المنصور، يحبذ الخيار الاكثر كلفة والاطول، الذي لم توافق عليه حتى الادارة العامة للمرور! ويقال ايضا ان هذا الخيار تم اعتماده لانه الاكثر كلفة (!!) وبالتالي اكثر فائدة للمقاولين المرشحين لتنفيذ مشروع الجسر، وهو مشروع عملاق سيستغرق العمل فيه لأكثر من سنتين.
نتمنى، على ضوء اتهامنا هذا، ان تقوم وزارة الاشغال بتوضيح سبب تحبيذها للخيار الثالث المتمثل في الانطلاق من الغزالي، على الرغم من كلفته العالية وخطورته الواضحة، او غير الواضحة، على البيئة البحرية.
وبهذا الخصوص نتمنى على وزارة الاشغال افادتنا ايضا بالخطوات التي تزمع اتخاذها لمحاربة سرقة اغطية مجاري الامطار التي عادت الى الظهور، وبشكل اكثر كثافة عما كانت عليه من قبل.
لقد سبق لمسؤولي الوزارة ان صرحوا قبل اشهر عدة انهم على وشك اعتماد نوع خاص من الاغطية غير القابلة للسرقة بسهولة. وعلى الرغم من مرور اكثر من عام على ذلك التصريح.. فإننا لم نشاهد شيئا على ارض الواقع.
نتمنى تحرك الوزارة السريع والقيام بعمل شيء لوقف المسلسل البنغالي المقرف المتمثل بسرقة الاغطية، وذلك عن طريق اعتماد اغطية ذات مفصلات مثبتة مع البرواز الخارجي لتصبح اكثر صعوبة في السرقة. او صنع الاغطية من مواد غير ذات قيمة تجارية عالية! وبغير ذلك فإن المسلسل البنغالي سوف لن يتوقف قبل تكملة تعرية كل مجاري الدولة من اغطيتها!
«التخريب»… المسمار حين ينغرس في العين!
كان صيف العام 1994 صيفا خطيرا! بل كان من أشد القيظ تأثيرا في التحولات التي ستشهدها البلاد فيما بعد، مع الدعوة التي قادها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالأمير الجمري لتوقيع العريضة الشعبية التي كانت امتدادا للعريضة النخبوية في العام 1992، وما تلاها من حوادث شديدة وموجعة تسمى الآن بـ «حوادث منتصف التسعينيات».
لقد شكلت العريضة النخبوية منطلقا مهما للمطالبة بعودة الحياة البرلمانية، تفرعت منها مطالب أخرى مهمة كترسيخ العدالة الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية وتوظيف العاطلين والسماح بعودة المبعدين ومكافحة الفساد المالي والإداري وتعزيز الممارسة الديمقراطية واطلاق الحريات العامة وأولها حرية التعبير والرأي… وهذه كلها مطالب مشروعة لم يغفلها المشروع الإصلاحي فيما بعد، فشهدت البلاد مع بداية العهد الإصلاحي لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تأسيسا لقاعدة التحول نحو الشراكة السياسية في صنع القرار، من خلال إعادة الحياة النيابية والبدء في خطوات الإصلاح، نجح بعضها وتعثر بعضها الآخر، لكن بقيت خيارات وقنوات التصحيح مفتوحة، وهي باقية حتى اليوم إن أحسنت مؤسسة الحكم والسلطة التشريعية في تحقيق التوافق فيما بينها.
لكن عودة إلى فترة حوادث منتصف التسعينيات، فإن صورة المواجهات العنيفة هي الصورة التي كانت ولاتزال ماثلة في الأذهان، وتغير الوضع بعد المشروع الإصلاحي، ودفعت بعض الإخفاقات إلى عودة صور متعددة من الاحتقان والشدة، وبعيدا عن تفاصيل كثيرة، تعود اليوم جزئية محدودة من حوادث منتصف التسعينيات في صورة أعمال عنف وتخريب وحرق، محدودة لكنها مؤثرة بشكل واضح في استقرار البلد.
ومهما يكن من أمر، فإن الوضع اليوم يختلف كثيرا عن حقبة «أمن الدولة» المقبورة!
آنذاك، لم تكن إدانة أعمال التخريب المنافية للقانون بقوة إدانة اليوم من مختلف الاتجاهات والأطياف… وكانت القوى السياسية تتحذر كثيرا من الإدانة! أما اليوم، فالإدانة معلنة وواضحة، لكن ثمة نقطة مهمة، أود إثارتها هنا بالنسبة إلى أعمال العنف والتخريب التي تشهدها بعض القرى اليوم، تنطوي تحت هذا السؤال: مَنْ الذي يقوم بأعمال التخريب والحرق والدفع في اتجاه تقويض الأمن والاستقرار الاجتماعي؟
من اللازم التنويه إلى أن استخدام كلمة «إدانة» وتخريب وحرق، تضع قائلها في أحسن الحالات في خانة الخيانة والموالاة للسلطة والوقوف في وجه الشعب ومطالب الشعب والتسبب في إيلام الشعب؟ لكن أعمال الحرق والتخريب اليوم، هي مسمار ينغرس في العين!… كيف؟
بودي أن يجيب أحد على هذا السؤال، لكن بعد النظر في سؤال آخر بتعمن، وهو: هل يستطيع أحد أن يحدد بالضبط، مَنْ هم أولئك الملثمون الذين يقومون بأعمال العنف والتخريب؟ وهل يعلم من يعتقد أنه «يتحرك في هذا الاتجاه العنيف والمرفوض ليواصل المطالب المشروعة»، أنه يقدم فرصة ذهبية لجماعات أخرى مجهولة ترى من مصلحتها تقويض المشروع الإصلاحي واستمرار حال الفوضى والاستفادة من جو العنف لتحقيق مكاسبها هي؟!
لم يكن لقاء وزير الداخلية مع أهالي المحافظة الشمالية هو الأول ولن يكون الأخير، لكنه الأبرز في إدانة العنف والتخريب، والتحذير من التداخل المخيف بين مجموعات العنف المعرفة وغير المعرفة!
إن الممارسين لأعمال العنف والمدافعين عن هذا الخط والداعين إليه، يقعون في خطأ استراتيجي رهيب، لأنهم يفتحون الباب على مصراعيه لتشاركهم بخفاء عناصر ومجموعات مجهولة لا صلة لها بالمطالب المشروعة، فيختلطون مع بعضهم بعضا بلا مقياس للفرز! فيحقق المجهولون جزءا من مآربهم، ويوجه الآخرون ضربة قاسية لدعاة الإصلاح والنشاط المطلبي السلمي، ولعل هذا ما بدا واضحا من خلال بيان الإدانة الذي أصدرته جمعية «الوفاق الوطني الإسلامية» وحذرت فيه من جهات «مشبوهة ومغرضة، وقد تكون من تبعات الخلايا السرية، تريد للمشروع الإصلاحي الفشل وجر الشارع للمواجهات العنيفة على حساب الحوار الوطني والحراك للقوى الوطنية الشريفة داخل وخارج البرلمان»، ولم تستبعد وجود احتمالات ضئيلة أن يكون وراء هذه الحوادث أشخاص باجتهادات مختلفة غير سوية.
السؤال المحير جدا لمن يواصلون أعمال العنف والتخريب تحت عنوان «المطالب»: مع مَنْ أنتم؟ وهنا تصبح الإجابة صعبة والفرز أصعب! لكن الأسهل والأوضح، هو أن استمرار هذه الأعمال المنافية للقانون والمدانة قطعا في القرى المستهدفة، يقدم على طبق من ذهب فرصة لكل مشبوه ومغرض لأن يبارك ويتمنى أن يستمر هذا الوضع المقلق والمدمر للوطن… فهل هناك مجال للتفكير بدقة، وقطع الطريق أمام أعداء الوطن؟