أحمد الصراف
تقدمت شركة مايكروسوفت بعرض لشراء «ياهو» بمبلغ 45 مليار دولار، وهو مبلغ يزيد على اجمالي الدخل السنوي من البترول لقطر والبحرين مجتمعتين، ويقترب كثيرا من دخل الكويت!!
ولكن، وبالرغم من اعتقاد الكثيرين ان العرض اكثر من مغر فان «ياهو» رفضته ولم تتقدم حتى بطلب مبلغ اكبر، فاذا كانت القيمة الفعلية لياهو بحدود 50 مليارا، فهذا يعني ان قيمة منافستها الاكبر «غوغل»، تزيد على 150 مليار دولار، ويعني ايضا ان قيمة مايكروسوفت ربما تكون بحدود 500 مليار (!!).
الغريب في الامر ان «ياهو وغوغل»، وعددا آخر من الشركات الاصغر حجما في مجالهما، لا تمتلك عقارات او مصانع او اسهم وسندات ولا تتاجر بسلع ملموسة بالمعنى الحقيقي وليس لها اي انشطة زراعية او نقل او ما شابه ذلك، فكل ما تمتلكه هو عقول مؤسسيها والعاملين فيها وقدرتهم على الاستفادة من الاعلان على الانترنت وتوفير وسائل اتصال وبحث سهلة عن مئات مليارات المواد العلمية والطبية والتجارية وغيرها الكثير الكثير، من خلال الضغط على بضعة ارقام على لوحة كمبيوتر، وهذا جعلها اليوم اكبر مصدر للمعلومات، واسرع وسيلة اتصال وتواصل عرفتها البشرية في تاريخها، من حيث اتساع ما هو متوافر في ذاكرتها الافتراضية وفي فضائها العنكبوتي من مواد، والكم الهائل من الرسائل الالكترونية التي تمر عبر انظمتها في كل ثانية حول العالم اجمع، فعصر المعلومات الذي نعيش فيه اصبح طوع بنان من يستخدم طرق البحث والاتصال السريعة التي تقوم هذه الشركات بتوفيرها!!.
الحديث عن هاتين الشركتين طويل، وسنتناوله في مقالات قادمة بتفصيل اكثر. ولكن اليوم سنتطرق للكيفية التي يحاول فيها البعض من جماعتنا اساءة استخدام الانترنت، بوعي او دون وعي، لتحقيق غير المجزي من الربح.
فقد قامت جهة غير معروفة، وربما غير مسجلة رسميا، بنشر اعلان موجه لـ «ربات البيوت فقط»، طلبت فيه الاتصال بها ان كان لديهن طبخات او اصناف حلويات مميزة يرغبن في بيعها عن طريق الانترنت!! وورد في الاعلان ان تلك الجهة على استعداد لتصوير المنتج مجانا، وعرضه على شبكة الانترنت ومن ثم تلقي طلبات الزبائن والاتصال بصاحبة الاكلة المختارة لتحضيرها ومن ثم استلام الطلب وايصاله للزبون وتحويل قيمة الطبق للحساب المصرفي الخاص بربة البيت!!
من الواضح ان محدودية السوق وما تتطلبه العملية من خدمة لوجستية معقدة ومرهقة فان ما سيتحقق منها من فائدة مادية في نهاية الامر لاصحاب الفكرة لن يكون كبيرا او مجديا، هذا مع الافتراض ان المشروع سليم، وهو ليس كذلك، فقد قمت بالاتصال بالشخص المسؤول وبينت له ان شراء وبيع مواد غذائية يحتاج الى ترخيص تجاري وصحي وعمالة خالية من الامراض، وهذا ما لا يمكن التأكد منه في بيت كل ربة بيت تشارك في المشروع، كما ان العملية قد ينتج عنها تسمم طرف ما نتيجة سوء التحضير او التخزين فمن الذي سيتحمل مسؤولية ذلك، ومن الذي يتحمل مسؤولية عدم موافقة المشتري على الطبخة، وكيف تعالج المرتجعات؟ الى آخر ذلك من الاسئلة التي لم يستطع المسؤول الاجابة عنها وقال انه سيخبر اصحاب المشروع ليتم الاتصال بي.
بعد انتظار طال لايام قررت كتابة هذا المقال ووضع الامر بتصرف الجهات المختصة في وزارتي الصحة والتجارة، ولنطلب من الجميع توخي الحذر في التعامل مع مثل هذه الاعلانات الغريبة!