كان السيد جاسم القطامي، أول مدير عام للإدارة العامة للأمن العام، التي أصبحت بعد ذلك وزارة الداخلية، أكثر «وكلاء الداخلية» وضوحاً وحزماً، وصاحب موقف. وكذلك السيد عبداللطيف الثويني، أطول من خدم في تلك الوظيفة الحساسة، وكان ذكياً وصاحب ذاكرة قوية. أما السيد يوسف الخرافي فقد كان الأكثر غموضاً وقوة خفية. أما الأقل كفاءة فقد كان، برأينا، الوكيل السابق، الفريق الأول ناصر العثمان، الذي تقاعد قبل أيام. ففي عهده لم يتقدم أداء وزارة الداخلية كثيراً، إن لم يتقدم كثيراً على الرغم من كل ما صرف على الأمن والأجهزة الأمنية من مال، وعلى الرغم من كل ما طرأ على الوسائل والطرق الأمنية من تطور كبير. ولو نظرنا مثلاً الى خدمة النجدة أو الثلاث سبعات، وهي الأكثر أهمية والأكثر قابلية وسهولة للتطوير، لوجدنا أن لا شيء تحسن في هذه الخدمة خلال عهد الوكيل السابق على الرغم من كم الشكاوى التي وردت على تلك الخدمة. ولو نظرنا للمشكلة المرورية كمثال آخر، وهي أكثر تعقيداً، لوجدنا أن وضع المرور في الكويت أصبح مأساوياً وفي تردٍ مستمر.
ومسؤولية المرور ليست فقط من اختصاص مدير عام الإدارة العامة للمرور، بقدر ما هي مسؤولية رئيس المجلس الأعلى للمرور، الذي شغله لسنوات عدة الوكيل السابق، الفريق الأول المتقاعد العثمان.
في الكلمة التي ألقاها الفريق «أحمد الرجيب» وكيل وزارة الداخلية الجديد، عقب توليه مهام منصبه، في أول لقاء له بقيادات الوزارة والمديرين العامين ومساعديهم، أكد ضرورة عودة هيبة رجل الأمن التي تأثرت كثيراً لأسباب عدة (!!). وقال إن التسيب والإحباط لهما أسبابهما أيضاً ويجب معرفة ذلك ووضع الحلول المناسبة للقضاء على التسيب (!!) وقال إن من الضروري تكريم المجد، وعدم تأجيل ذلك (!!) وانه ليس هناك مكان للمتقاعسين في الوزارة (!!).
وعلى الرغم من إشادة الوكيل الجديد بسلفه، فان من الواضح والمنطقي الاستنتاج، أن ما أصبحت تتصف به إدارات عمل وزارة الداخلية من تسيب وما أصاب العاملين المخلصين فيها من إحباط للوكيل السابق دور سلبي فيه. ففي عهده الوظيفي، الطويل نسبياً، تخلفت أجهزة وزارة الداخلية بشكل كبير. كما لا يمكن إخلاء مسؤوليته، كما قلنا، عما يعانيه الكثير من إدارات الوزارة من تخلف واضح.
لنا أمل كبير أن تتقدم أوضاع وزارة الداخلية في عهد الوكيل الجديد إلى الأحسن، وقد رأينا أول الغيث قبل أيام عندما قام مدير عام الإدارة العامة للتحقيقات بزيارة مفاجئة لعدة مخافر في منطقة الجهراء، ليكتشف هناك غياب كامل طاقم التحقيق من ثلاثة مخافر، الأمر الذي دعاه لتحويل المحققين الغائبين لـ «التحقيق»!!
كما نتمنى للوكيل، الذي لم يسبق أن التقينا به، التوفيق في عمله وجعل الكويت بلداً آمناً، أو قريباً من ذلك. ونشكره على قراره الأخير المتعلق بمنع رجال الأمن من ارتداء ملابسهم الرسمية خارج أوقات الدوام!! نقول ذلك ولا نعلم الآلية التي سيتم بها تنفيذ هذا القرار، مع غياب الشرطة العسكرية. فهل مطلوب من موظفي الدولة مثلاً الامتناع عن خدمة ضابط، أو عسكري يقوم بتخليص معاملته وهو بزيه الرسمي؟ وما دورنا نحن كمواطنين لو شاهدنا عسكرياً يقوم بإيقاف سيارة الدورية في مكان مخالف لشراء سندويشة فلافل؟ وهل مطلوب منا الإبلاغ عمن يقوم بارتداء ملابس العسكرية الرسمية خارج أوقات الدوام الرسمي، وكيف يتم ذلك؟
أحمد الصراف