الكويت بلد المعجزات. توقع فيها غير المتوقع… قبل أيام فوجئنا بمحامٍ يطل علينا من شباك إحدى القنوات الفضائية ليستدر عطفنا ويستجدي دموعنا، عندما تحدث عن الوطن والوطنية واستعداده لتحمل تكاليفها وتوصيلها للمطار مجانا. فتحدث كاسر الخواطر في ذلك المساء العاطر عن والدته (أطال الله عمرها) التي دخلت عليه في غرفته وهو يرتب أوراق حلقة تلفزيونية سيتطرق فيها لتأبين المجرم النافق عماد مغنية، وكيف أنها، وبمشاعر الأمومة، حاولت ثنيه عن الحديث في هذا الشأن خوفا عليه من القتل والسحل: «يا وليدي، عشان خاطري لا تدخل نفسك في هالأمور»، فرد عليها «الوطني» الأمّور المقدام الفرفور: «هذي الكويت يا يمّة، هذي ديرتي اللي أنا مستعد أفديها بدمّي، لازم أوضح للناس حقيقة المؤبنين، وحجم خطيئتهم بحق الكويت، هذولا خانوا الكويت يا يمّة»… حقيقة، لو كنت أنا مكان مخرج الحلقة لطلبت من المذيع – بعدما أنهى «وصلته» تلك – الغناء واقفا: وطني الكويت سلمت للمجد، وعلى جبينك طالع السعد.
هذا الحديث التلفزيوني كان من الممكن أن يدخل قلوبنا ويتسلل إلى عقولنا من دون رسوم جمركية لو كان القائل شخصا آخر غير هذا المحامي الذي كان واحدا من اثنين تطوعا برغبتهما ورضاهما للدفاع عن المجرم علاء حسين، ولو كانت المحكمة هي التي أمرتهما بذلك لكنا عذرناهما، لكنهما أركبا «الوطنية» في المقعد الخلفي بعدما حضرت «الشيكات الثقيلة». ومن المعلوم أن علاء حسين هو الوحيد الذي أدين بتهمة «خيانة الوطن».
تأبين مغنية جريمة في حق الوطن بلا شك ولا عك، لكن الدفاع عن علاء حسين في وقت كانت فيه القلوب لا تزال تقطر دما ليس «مكرونة بالباشميل» بالتأكيد، وإنما جريمة تفوق في حجمها وطولها وعرضها جريمة تأبين مغنية. صح يا متر؟ والجريمة الأكبر من هذه وتلك هي أن القناة التي هامت في الشوارع تنتف شعرها بكاء على الوطنية، وصمّت آذاننا بنياحها وصراخها على كرامة شهداء قضية «مغنية»، هي القناة ذاتها التي فتحت الفضاء لهذا المحامي الذي سجل التاريخ دفاعه عن الخائن علاء حسين… إنه زمن «الهجص» والكذب على الذقون والكلى يا محامينا الجميل، الذي تخرج فيه أنت بالذات دونا عن بقية الكويتيين لتتحدث عن الوطنية والخيانة. «ليتك طعت أمك» وقضيت وقتك في مشاهدة المسلسل الرائع «سنوات الضياع» على قناة «ام بي سي». وصبّح صبّح يا عم الحاج، أو كما قال «اللمبي» حفظه الله.
***
صحيفة «العرب» القطرية التي صدرت حديثا (قبل أقل من ثلاثة أشهر)، نشرت مقالا للبعثي العبثي فاضل الربيعي، يوم الثلاثاء الأول من أمس، يتهم فيه الكويت بسرقة النفط العراقي، كما كان يردد عمه المقبور صدام حسين. وقد كفانا سعادة السفير الكويتي في الدوحة سليمان المرجان عناء الرد على هذا البعثي عندما كتب تعقيبا على المقالة نشرته الصحيفة أمس بعدما أشارت له في صفحتها الأولى.
السفير المرجان لم يعمل كما عمل بعض سفرائنا الذين لا يجيدون سوى استخدام أسلوب الفتاة المغتصبة المستعدة لدفع الآلاف خوفا من نشر «شريط الفضيحة»، ولذلك يتصلون في «أنصاص الليالي» على الكتّاب البعثيين ليستجدوهم الصمت! ليت هؤلاء السفراء يقترضون من سليمان المرجان جزءا من المرجلة. بالتأكيد عنده فائض ولا أظنه سيبخل عليهم.