يقول محمود القمني: منذ دخل العلم الحديث، وظهرت طبقة المتعلم ، تراجع دور الشيخ المهيمن على شؤون البشر، وقد عرف الشيخ ان العلم الحديث هو ألد اعدائه، ومن ثم كانت سلسلة التكفيرات والتحريمات لمنجزات هذا العلم!
سبق ان كتبنا مقالات عدة عن فظائع وفضائح المركز العالمي لنشر الوسطية، الذي تسيطر عليه جمعية الاصلاح، فرع التنظيم العالمي للاخوان، وهي الفضائح التي ايدتها تقارير ديوان المحاسبة تاليا، كما كتبنا كذلك عن مشروع مركز الوسطية الاخير الخاص باعداد «علماء المستقبل»، وهو البرنامج الذي وصفه وكيل الاوقاف في حينه بانه علمي ورائد وبانه سيتخصص في تخريج علماء شريعة وسطيين في سلوكهم وفكرهم، وان اعمار المشاركين في البرنامج ستكون بين 13 و16 عاما، وستكون مخرجات البرنامج كافية لسد احتياجات البشرية من العلماء الربانيين! علما بان اعمار هؤلاء بعد تخرجهم سوف لن تتجاوز العشرين بكثير!
كتبنا كل ذلك واكثر منه، مع ايراد الاسماء وتفاصيل اكثر، ولكن لا احد من الوزارة اهتم بالامر، والسبب معروف بطبيعة الحال.
مرّ شهر ونصف الشهر تقريبا على آخر مرة كتبنا فيها عن ذلك الموضوع، واعتقدنا في حينه ان بعض الوقت سيمر قبل ان يرى مشروعهم النور، لكن فجأة طالعتنا الصحف بخبر الشروع في البرنامج بمحاضرة «احمد القطان»! والاسئلة التي تطرح نفسها هنا بإلحاح:
1 ـ كيف تمكن المشرفون على المركز العالمي لنشر الوسطية خلال اقل من شهرين من الانتهاء من وضع منهج «علماء المستقبل»، خصوصا ان هؤلاء سيكونون علماء ربانيين يفيدون البشرية بعلمهم بعد 3 سنوات دراسة، وهم لم يتجاوزوا العشرين ربيعا بكثير؟
2 ـ من اين حصل المركز على طلبته، والعام الدراسي في منتصفه؟ هل قام باخراجهم من مدارسهم العادية وحرمهم من تلقي العلم الصحيح في مثل هذه السن اليافعة، مقابل مكافآت مادية عالية، ام انهم من غير المنخرطين في الدراسة؟
3 ـ اين تم الاعلان عن حاجة البرنامج للطلبة، ام ان الموضوع تم حصره ضمن جدران جمعية الاصلاح؟
4 ـ لمَ الإصرار على قطع صلة دارس المواد الدينية بالمواد العلمية المهمة كالفيزياء والاحياء والاحصاء وغيرها؟
ان نتيجة هذا البرنامج ستكون في حكم الكارثة على المشاركين فيه، ولن تفيد غير المشرفين عليه والمحاضرين فيه. فليس هناك من بامكانه اقناع اي عاقل بأن اطفالا في الثالثة عشرة من العمر يمكن ان يخلق منهم علماء ربانيين بعد ثلاث، او عشر او حتى عشرين سنة من الدراسة ضمن منهج لم يستغرق اعداده اكثر من شهر، علما بأنني اشك في وجود منهج اصلا، فقد ورد في الصحف ان احمد القطان، صاحب النباطة الشهيرة، وعضو جمعية الاصلاح القى درساً على طلبة هذا البرنامج بين لهم فيه فوائد «التكرار»!! كما حذرهم من قراءة المجلات والجرائد «المشينة»!! ولم يحدد الاخ القطان للطلبة تعريف «المشينة»، وبالتالي فمنعه سيسري على جميع الصحف والمجلات، ومنها هذا المقال!
ان مشروع علماء المستقبل مشروع غامض وفضيحة علمية ومالية وحتى اخلاقية، كما انه خطر لأنه يدعو الى الترويج لفكر وعقيدة حزب سياسي ديني معين.
لا نتمنى على وزير الأوقاف أكثر من سؤال مدير مكتبه عن حقيقة هذا المشروع، وسيسمع العجب!!
أحمد الصراف