محمد الوشيحي

محمدين

يعتقد الأطفال بأن أمن الوطن مجرد لعبة من ألعاب الـ «بلاي ستيشن»، بحيث تستطيع أن تقتل الناس وتحرق المدن ثم تنتقل إلى لعبة أخرى. تسلية وتمضية وقت ليس إلا.
الإعلان القاتم المنشور في إحدى الصحف والذي يدعو إلى التجمع في ساحة الإرادة للمطالبة بمنع النائبين عبد الصمد ولاري من دخول البرلمان، هو بمثابة «مرحلة» في اللعبة متعددة المراحل، وهي بالتأكيد ليست المرحلة الأخيرة بل كانت ستعقبها مراحل أخرى لولا تدخل وزارة الداخلية قبل اشتعال عود الثقاب بلحظات. متابعة قراءة محمدين

سامي النصف

جذور مشكلة الولاء البديل

فور وقوع أحداث سبتمبر 2001 استضافنا برنامج الاتجاه المعاكس للحديث حول ما حدث، وكان الضيف الآخر هو النائب جمال حشمت من مصر وقد أظهرنا آنذاك فداحة الجرم وألقينا باللائمة على الإرهابي ابن لادن وما ان وصلت الكويت حتى سمعت عتبا شديدا من إخوة وأحبة كانوا موالين آنذاك لذلك الإرهابي ومنهم دكاترة وأطباء كنت أعتقد ان ألاعيب ذلك المنحرف لا تنطلي عليهم.

ومع انتهاء حرب صيف 2006 التي دمرت لبنان استضافنا كذلك برنامج الاتجاه المعاكس، وكان الضيف الآخر هو د.أنيس نقاش وقد ألقيت باللائمة على القرار غير المدروس وغير المتشاور فيه من الحزب المعني مع الحكومة الشرعية في لبنان كي تأخذ استعداداتها وقد تلا ذلك رد فعل مضاد من إخوة وأحبة آخرين مشابهة لرد فعل الأولين، وقد أظهرت الحادثتان ان هناك من يرتضي بطيبة نفس نقد وطنه وحكومة بلاده «الكويتية» إلا أنه ينتفض ويغضب ويثور عند المساس بشخصيات خارج الحدود لا تشاركه المواطنة.

إن السكوت عن الولاءات البديلة سواء ما هو مختص منها بما هو «فوق الوطن» أي الولاء لدول وقيادات وأحزاب خارجية او ما هو «دون الوطن» أي تقديم ولاء العائلة والطائفة والقبيلة على الولاء للوطن، هو خطر داهم سواء بسواء، فقد دمر نصف بلدان الإقليم بسبب الولاء الأول كحال لبنان والعراق وفلسطين، كما دمر النصف الآخر بسبب الولاء الثاني، والصومال وكينيا ورواندا دلالة أخرى على ما يحدث عند تقديم المصالح الصغيرة على مصلحة الوطن.

إن السكوت عن خالد العبيسان وكاتب قميء آخر يستخدم المنتديات والفضائيات لإظهار التعاطف مع صدام ومثله السكوت عن «المحرضين» على قتل وسفك دماء جنود ومواطني حلفائنا الموجودين على أرضنا – برضانا – لحماية وطننا، كان الشرارة الأولى التي أدت الى ما يحدث هذه الأيام، والمفروض ان يتفهم الجميع أن الحل هو رفض تلك الممارسات سواء بسواء، لا السكوت عنها حتى تستفحل الظاهرة وتحترق الكويت قربانا لأجندات ورغبات الآخرين.

في الوقت ذاته علينا ان نكف عن منهاجية الحروب «المستدامة» التي لا تنتهي، وقد تفرض علينا مصلحة الوطن أن تطفأ الأنوار على قضية مجلس التأبين مادامت قد وصلت للقضاء حتى نفوّت الفرصة على الأعداء ممن قد يكونون قد قصدوا وأرادوا تماما هذا الانشقاق الذي نساعدهم على تحقيق مآربهم بالنفخ في رماده كل صباح.

وعلينا ان نتوقف عن التعسف في العداء للولايات المتحدة واسرائيل، فتحت تلك الرايات الزائفة تختفي الوطنية ويشجع الانحراف والولاءات البديلة، ولنضع – كويتيا – في كفة ما قامت به الولايات المتحدة من دعم للتنمية وتدريس أبنائنا وشراء نفطنا بأغلى الأسعار والحفاظ على استثماراتنا وتحريرنا وإسقاط صدام، ولنضع مقابلها ما قام به الجاران العراق العربي وإيران الإسلامية من قتل وغزو وإرهاب وخطف طائرات وتفجير سفارات.. إلخ، ثم لنضع بالمثل – كويتيا – ما قامت به اسرائيل منذ نشأتها رغم محاربتنا لها وما قامت به المنظمات الفلسطينية المختلفة من إرهاب وتفجير وقتل للكويتيين في المقاهي والسفارات ودعم للغزاة، ولنقرر مع أي من الكفتين يفرض ولاؤنا للكويت ووطنيتنا ان نحافظ على عدم إظهار العداء له والحرص على صداقته؟!

آخر محطة:
لم أسمع أجبن ممن ينصحني قبل أي لقاء إعلامي بالقول «لا تدافعوا عن أميركا»، إذا لم ندافع عمن حررنا ومنع ان نصبح مشروع شعب مشرد آخر، فعمّن ندافع إذن؟! شاهت الوجوه!

احمد الصراف

الاتجاه الخاطئ الآخر

«يعتبر دواء الانسولين المصنوع في الدانمرك الاكثر استخداما في العالم لاعتدال ثمنه وقوة مفعوله»!
* * *
كتبنا قبل ايام مقال: «الاتجاه الخاطئ» وتعلق موضوعه بعملية القاء القبض على عدد من الاشخاص في الدانمرك بتهمة «التخطيط» لقتل احد رسامي الكاريكاتيرات المسيئة، وبينت فيه ردود الفعل العنيفة لمحاولة القتل هذه التي دفعت عشرات الصحف الاوروبية، وليس الدانمرك فقط، لاعادة نشر غالبية تلك الرسوم في تحد واضح لمحاولة الاغتيال، ولتأكيد مبادئ حرية القول والنشر التي تؤمن بها تلك الشعوب الاوروبية، وقلنا ان من السهل الدفاع عن صور نبي الاسلام بالطرق السلبية المتمثلة بقتل من يسيء لتلك الصورة، وان الصعوبة تكمن في نصرته بالفعل الايجابي المتمثل في رفع شأن المسلمين وتقوية اقتصادهم وتشجيعهم على البحث والاختراع ليعرف الجميع مدى قوة وتقدم ورقي اتباعه، وبالتالي يأتي الاحترام من تلقاء نفسه، فقتل المناوئين او ناقدي رموزنا الدينية العالية قد يمنعهم من التعبير علنا عن مشاعرهم، ولكن هذا لا يمكن ان يغير حقيقة ما بأنفسهم نحونا.
وفي الكويت، يبدو ان بعض اعضاء مجلس الامة في طريقهم للسير في الاتجاه الخاطئ نفسه الذي سبق ان كتبنا عنه، وذلك بالدعوة لاتباع الطرق السلبية في الرد على محاولات الاساءة لنبي الاسلام العظيم!! وهنا نعود ونقول ان قتل كل من يسيء لنا ليس حلا، وسحل من يشتمنا ليس مقبولا، وانهاء وجود من يسخر منا ليس مخرجا، فما نحن بحاجة اليه يختلف عن ذلك كثيرا، فهؤلاء لم يسخروا منا الا لضعفنا وهو، ان حالنا، علميا وثقافيا وصناعيا وغير ذلك، وبالتالي فان الاحترام لا يمكن ان يستعاد بالسيف والخنجر والرصاصة، بل بالتصرف الاخلاقي الحميد وبالتقدم الصناعي والتطور الزراعي، وهذه جميعها امور لا تطعم خبزا ولا تكسب صوتا انتخابيا للسياسيين الذين يسعون الى كسب عواطف الغوغاء ونيل اصوات الدهماء، وبالتالي نراهم يتجنبون السير في الصعب من الطرق ويفضلون، بدلا من ذلك، اثارة الغرائز واللعب على العواطف لتبقى الشعوب اسيرة البائس من طروحاتهم.
ان اللجنة البرلمانية الدائمة التي يطالب النائب وليد الطبطبائي بتشكيلها لنصرة نبي الاسلام سوف لن يتمخض عنها ما سيفيد الاسلام والمسلمين وأعز رموزهم. فهذا الرمز عاش عظيما لاكثر من 1400 عام وبقي وانتشر في العالم اجمع وكان للبحاثة والمستشرقين الغربيين، والدانمركيين بالذات، دور عظيم في ترسيخ الصورة والرسالة، فمايكل هارت وآن ماري شيميل وجوديث ميلر وكارين آرمسترونغ وتيودور نولكه غيرهم العشرات ممن لا تحضرني اسماؤهم، كان لهم الفضل الاكبر في ما نعرفه الآن عن ايام الاسلام الاولى ونبيه.
لا مصالح تجارية لدي مع الدانمرك ولا يعنيني كثيرا امر مقاطعة منتجاتهم او منتجات غيرهم، فسرعان ما سنكتشف خطأنا ونتراجع عنه، ولا اعتقد ان هذه هي الطريقة السليمة للرد على المسيئين لنا، وما نحن بحاجة اليه حقا، والذي سيكون اكثر فاعلية في الرد على المسيئين لنا هو في اتفاق المسلمين، او العرب او حتى الخليجيين، في اسوأ الاحوال، على انشاء مصنع عالمي لانتاج الانسولين مثلا، وهو الدواء الذي يحتاجه مئات الملايين من مرضى السكر في العالم، والذي يعني لهم الفرق بين الموت والحياة، ومن ثم بيعه بسعر التكلفة للمحتاجين له في العالم باسم نبي الاسلام!!
هل فكر هذا النائب في تقديم مثل هذا الاقتراح البناء لحكومته ونوابه، ومصارف المنطقة، والاسلامية منها بالذات، المتخمة بمئات مليارات الدولارات التي لا تعرف كيف تستغلها بطريقة يكون فيها عز الاسلام ورفعته؟ ام ان الهدم والقتل والتدمير وتأليب العالم علينا اكثر سهولة وانجع في دغدغة الرخيص من مشاعر النواب والناخبين؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

كيدوا كيدكم… أشباح ليس إلا!

 

ذات مرة، كتبت موضوعا بخصوص “الأبطال الجدد” في المجتمع البحريني، وهم مجموعة من عشاق إثارة الفتنة والمشكلات والحساسيات في المجتمع عبر تواصلهم الدائم واللامنقطع، والمتخفي تحت أسماء مستعارة، في عدد من المنتديات البحرينية… ذلك الموضوع جذب لي طالبا يدرس في تخصص الإعلام بإحدى الجامعات العربية، ليطلب مني التباحث معه بشأن بحث أكاديمي يعتزم إجراءه ليقيس مدى تأثير تلك المنتديات المثيرة للطائفية والروح العدائية بين الشعب البحريني.

ذلك الطالب البحريني، كان قد حدد مسبقا خطة البحث، بحيث يبدأ من جانب أجده “موفقا”، وهو محاولة تتبع نماذج من مساهمات الأعضاء ومضامينها، ودوافعها… وهنا المهم، في إطار قياس نفسي مستخدما بعض المقاييس في علم الاجتماع أو ما شابه ما يستخدمها الباحثون.

وبعيدا عن المقاييس العلمية وأدوات بحثها، يمكنني أن أختصر المسافة… فمن الواضح جدا، بعد أن قضيت وقتا مع الباحث في استعراض نماذج كثيرة ومتنوعة، أن هناك مئات العشرات من المرضى النفسانيين يجلسون ساعات طويلة في تنفيذ مخطط تدميري رهيب في البلد، يقوم على الفتنة الطائفية بالدرجة الأولى، انطلاقا من تأليب أبناء الطائفتين الكريمتين ضد بعضهم بعضا، تحت عناوين عريضة وكبيرة ومتكررة تكرارا لا يمكن أن يخرج عن فلك الفتنة، فالغالبية العظمى من المشاركات تبدأ بالتكفير، ثم تعرج صوب قضية شتم الصحابة والتحذير من وجود طائفة خطيرة للغاية تنوي تدمير البلد، وبعد ذلك يبدأ التكرار الآخر في تأليب المواقف من ناحية الانتماء والمواطنة، فيما تذهب مشاركات أخرى مضادة، إلى الترويج لإسقاطات سياسية مدوية، ولا تخلو هي الأخرى من الطرح الطائفي المضاد، وتصبح الأمور في غاية السوء ليعيش أولئك الأشباح أمدا طويلا في مناقشة خلافات تاريخية، من المفترض أن يكون قد عفا عليها الزمن، ويبدأ سيل من الاتهامات والشتائم والسب الوضيع، يصل إلى انتهاك الأعراض وتقاذف الاتهامات بعدم طهارة المولد، والعداوة للدين والوطن، والأشد من ذلك… الاستعداد لحرب شرسة لا هوادة فيها… من دون أن يعلموا أنهم ذاتهم لا يستطيعون الخروج للمواجهة أبعد من مفاتيح الكمبيوتر.

أعتقد أن الكثير من القراء الكرام، يتجولون في مواقع إلكترونية بحرينية، ولا يحتاجون مني أو من الباحث أدلة كافية على ضراوة الوضع بين أشباح الفتنة هؤلاء، الذين لو تمكن الباحث منهم من إثبات شيء مهم، فهو لن يتعدى حدود إثبات أنهم مجموعة من المجانين، صغار السن والعقل، تأكل في نفوسهم وقلوبهم الأمراض النفسية من أعلى رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم.

لكن لندع ذلك جانبا، ونتجه إلى جانب آخر في البحث سيعتمد هذه المرة على حقيقة تأثير تلك المنتديات الإلكترونية في مزاج أبناء الطائفتين من المواطنين، وهل ستكون تلك المنتديات مسببا واقعيا وحقيقيا لتدهور العلاقة وتأجيج الخلاف الطائفي والمذهبي في البلاد.

حتى ينجز الباحث بحثه، من خلال أدواته العلمية واستطلاعاته الميدانية القائمة على الاستبيان الدقيق، سنقر بأن هناك ظاهرة مقلقة فعلا، لكنها غير مؤثرة على أرض الواقع! وإن كان المتأثرون بها في المجتمع، هم أنفسهم الذين ينقلونها معهم لتعيش معهم في حياتهم اليومية، إلا أنهم أجبن من أن يعبروا عن آرائهم ومواقفهم (السرية) في الحياة العامة، بمعنى أن الصراع مع المرض النفسي المرير، يسير مع أولئك الأشباح، الذين نقول لهم (كيدوا كيدكم)، مجرى الدم في العروق… لأنهم مجموعة أبالسة.

لكن السؤال البسيط جدا هو: “هل تركت وزارة الإعلام الحبل على الغارب لإدارات المنتديات الطائفية؟ أم أن عيون الرقابة، عن كل عيب قريرة؟”.