برتقالة «عماد مغنية» تم عصرها على آخرها، وانتهت. لم يتبق سوى «القشر». ومع ذلك تحاول بعض الصحف الزميلة إعادة تصدير هذا القشر وبيعه لنا مستعملا، لتشتريه منا من جديد، وتعيد تصديره لنا مرة أخرى، وهكذا… ولمَ لا وهي البرتقالة التي تبيض «ثارات»؟
الموضوع الآن أغلق بعد إحالته للقضاء، أو هكذا يجب، فنحن دولة مؤسسات تقوم على فصل السلطات، ومن يستمر في التأجيج بعد هذا فهو «يخوّن» القضاء، أي يطعن في نزاهته. وهنا لا تفوتني الإشادة بالنائب مبارك الخرينج الذي «ختمها بمسك» وتعامل بمسؤولية وحصافة عندما صرّح بأن «القضية أمام القضاء، وهو المختص، ونرفض إقامة جلسة خاصة»… أحسنت أبا فيصل. نقطة على السطر. متابعة قراءة بحسب «الخلاّط»
اليوم: 26 فبراير، 2008
الغزاة العرب والإسلاميون
ابتلي الوطن العربي منذ عام 1952 بظاهرة «الغزاة العرب» أي الحكام الثوريين ممن يعاملون الدول التي تبتلى بحكمهم معاملة الغازي للدولة المحتلة، فيتم قطع رقاب الابرياء من الشعوب ونصب المشانق وفتح السجون وبث الجواسيس واذلال الاحرار ونهب الثروات، ولا شك في ان صدام حسين قد غزا واحتل ارض الرافدين قبل أن يغزو ويحتل الكويت.
وقد أصدر قبل مدة الكاتب المصري المخضرم جميل عارف كتابا عنوانه «من سرق مجوهرات أسرة محمد علي؟» أظهر فيه بالوقائع والوثائق والشهود كيف سرق رجال الانقلاب العسكري قصور أسرة محمد علي حال سقوط الملكية وتراوح النهب ما بين الاستيلاء على قصور وأطيان بأكملها وسرقة 11247 قطعة ذهب وألماس وأحجار كريمة لا تقدر بثمن، تنافس على استباحتها بعض اعضاء مجلس قيادة الثورة ومعهم من ائتمنوا على حصرها وتدوينها والحفاظ عليها، فقام البعض منهم بوضعها في الجيوب والبعض الآخر قام حتى بابتلاعها.
ولم يبرئ الشهود الذين قابلهم الكاتب، ومنهم مسؤولو الديوان الملكي وفيما بعد الجمهوري كصلاح الشاهد، الرئيس عبدالناصر من تلك الجريمة التاريخية الشنعاء، فالبعض من تلك الثروات اعتاد الرئيس الراحل اهداءه للزائرين الرسميين وغير الرسميين والبعض الآخر بيع بأبخس الاثمان لشراء المعدات العسكرية التي ضربت في حرب 1967، ويذكر جميل عارف ما حدث لقصور ومجوهرات الملوك في الدول الاخرى الممتدة من الصين حتى تركيا وأوروبا، والتي تحولت الى متاحف تجلب ملايين السائحين ومليارات الدولارات للدول المعنية.
وتمر علينا هذه الايام الذكرى الخمسون لقيام الوحدة بين مصر وسورية (22/2/1958) وقد قام النظام الثوري في مصر آنذاك بنقل ثقافة الغزو والنهب الى سورية التي وافق 99.99% من شعبها على الوحدة – حسب الاستفتاءات المزيفة – ففتح ابواب السجون للاحرار وسلط وزير الداخلية عبدالحميد السراج (السلطان الاحمر) على رقاب السوريين فإذا بخصومه وكل من وقف في طريقه من شيوعيين وقوميين واخوان في أحواض الاحماض الحارقة، وقد انتفض الشعب السوري على الغزاة الثوريين ففصم عرى الضم في سبتمبر 1961.
وحول النظام الثوري في القاهرة آنذاك عسكره وطغاته الى اليمن بعد انقلاب سبتمبر 1962 على الامير المثقف البدر حيث تمت سرقة ثروات مصر واليمن معا، وتم سجن رئيس الجمهورية اليمنية في الاسكندرية، كما صدرت الاوامر بسفر كامل اعضاء مجلس قيادة الثورة (أو الثروة) اليمني الى القاهرة، حيث احيلوا من المطار الى السجن ومنعوا من الذهاب الى المراحيض، فقال العمري آنذاك: كنا نطالب بحرية القول ابان الملكية فأصبحنا نطالب بحرية البول في عهد الجمهورية.
أخيرا، ان التهليل للطغاة الثوريين بالأمس هو من شجع صدام على قمع شعبه وغزو جيرانه، ولاشك في ان الاستمرار في التهليل والتطبيل لحكم الثوريات المجنونة في المنطقة هو ما سيشجعهم كما شجع من قبلهم على المزيد من قمع شعوبهم واستباحة واضاعة ثرواتهم، ثم شغلهم بحروب وغزوات الخارج، فهل يتعظ ابناء وطني من اخطاء الماضي؟ نرجو ذلك!
الاتجاه الخاطئ
القت الشرطة الدانمركية فجر يوم 2/12 القبض على خلية ارهابية مكونة من ثلاثة مسلمين قبل قيامهم بمحاولة قتل كورت ويستر غارد احد رسامي الرسومات الكاريكاتيرية المسيئة لنبي الاسلام، والتي دار حولها جدل كبير عند نشرها في سبتمبر 2005. وعند سؤال ويستر غارد عن تعليقه على الحادث قال إنه، وقد قارب الثمانين من العمر، ليس قلقا على حياته، وان الخوف لديه تحول الى غضب ورفض للارهاب! وقامت صحيفته في اليوم التالي بنشر بعض تلك الرسوم المسيئة مرة اخرى. كما جارتها صحف دانمركية منافسة اخرى ونشرت بعض الرسومات في تحد واضح للقتلة واظهار لنواياها في الدفاع عن حرية الصحافة، ورفضها للتهديد والارهاب.
ربما لا يشك البعض في نوايا الرجال الثلاثة المتهمين، وغير المدانين حتى الآن، في حبهم لنبي الاسلام وغيرتهم على صورته ورفضهم بالتالي الاساءة له. ولكن هل كان الاسلام سيصبح اكثر قوة لو نجحت محاولة هؤلاء؟ وهل فشلهم في تحقيق هدفهم قد قرب الاسلام كدين لبقية شعوب الارض؟ وما هي الصورة التي بدأت تترسخ اكثر واكثر في اذهان العالم عن المسلمين وفي اي دولة كانوا؟
لا نعرف الكثير عن هوية المتهمين، وقد يكونون من مسلمي الدانمرك او من غيرها، ولكن المرجح انهم انطلقوا في محاولتهم تلك من شعورهم بأن الاسلام قد اسيء له، وكان من الضروري بالتالي رد الاعتبار اليه، وعليه قام هؤلاء باختيار اكثر الوسائل دموية وكلفة واقلها فاعلية وسذاجة، وربما سهولة في الوقت نفسه، في الرد على من اساء للنبي، لان الوسائل الاخرى اكثر صعوبة حقا.
فالاسلام لا يمكن ان يرتفع شأنه بأعين الغير الا بحسن افعال المنتمين إليه وبكفاحهم وعملهم للتخفيف من معاناة الانسانية وبأعمالهم الطبية وبمنجزاتهم في ميادين المعرفة والطب، فطبيب واحد خير من الف ارهابي، وارهابي مسلم واحد كفيل بمحو عمل الف طبيب مسلم!
لا شك ان التخطيط اخذ من هؤلاء الكثير من المال والجهد والوقت، وبالرغم من ذلك فشلوا في تحقيق هدفهم، واعيد نشر الرسومات مرة اخرى، ووضع هؤلاء قيد الاعتقال وقد يقضون سنوات عمرهم خلف القضبان، وسيكون لذلك اوخم العواقب، ليس على اسرهم واهاليهم فقط بل وعلى عموم المسملين في الغرب أيضاً، وعلى نظرة الدول الغربية لفكرة منح اللجوء السياسي للمضطهدين من عالمنا، وبالذات العربي والمسلم منه!
ولو بحثنا عن الجهة الوحيدة التي استفادت من مجرد قيام هؤلاء بمحاولة قتل رسامي الكاريكاتير، لما وجدنا غير اعداء الاسلام والمسلمين. ولو نجح هؤلاء في محاولتهم وبحثنا عن الجهة التي كانت ستستفيد من ذلك، لما وجدنا غير اعداء الاسلام والمسلمين. فإلى متى نكون اداة اساءة لانفسنا واوطاننا ومعتقداتنا؟
ملاحظة: يقول الكاتب اللبناني مروان نجار انه كسب اعداءه بعرق جبينه!!
وأقول أنا إنني كسبت اعدائي بجدارة. فكلما نظرت الى القائمة التي تضم اسماءهم، وهي قائمة افتراضية بطبيعة الحال، شعرت بالفخر والاعتزاز!
أحمد الصراف