أعرف السيد عدنان عبدالصمد، منذ أيام الدراسة في مدرستي الصباح والصديق ومن خلال عدة لقاءات، وهي معرفة كافية لكي اقول بانه انسان ذكي ويعرف جيدا كيف «يلعبها صح». كما ان معرفتي «العملية»، في فترة ما بعد التحرير، ومن خلال المشاركة في انشطة جمعيات نفع عام، بينت لي بان زميله الاخر، وشريكه في الحزب، السيد أحمد لاري لا يقل عنه ذكاء، وربما يكون اكثر أدبا منه.
كان بإمكان هذين النائبين و«صحبهما» اقامة مجلس عزائهم على عماد مغنية في مجلس خاص، ومن دون ضجة وصخب، وبالتالي كان من الممكن ان يؤدوا الواجب (!!) ويمر الحدث من دون تبعات تذكر. ولكنهم اختاروا مكانا عاما ومثيرا للجدل!! وهنا ايضا كان بإمكانهم اختيار ذلك المكان العام وتقبل العزاء من خلاله، كما جرت العادة، واداء الواجب!، وايضا من دون ضجة او صخب، ولكنهم اختاروا، او اصروا على وضع مايكروفونات وكاميرات واجهزة استقبال وبث تلفزيوني لخلق المزيد من الضجة والصخب. وكان بامكانهم ايضا فعل ذلك من دون ان يوقظوا النائم وينبهوا الساهي، ولكنهم اصروا على ذلك من خلال اصرارهم على دعوة مختلف وسائل الاعلام، محلية وخارجية، للاستماع لخطابهم التأبيني المثير للجدل والمؤجج لمشاعر نسبة غالبة وغالية من الشعب! وهذا التحدي الواضح والغريب يعني ان وراء الاكمة (وامامها) ما وراءها، وان للموضوع بعدا خارجيا واضحا، فالمسألة لم تكن تأبينا «صادقا وخالصا» في موت شخصية غامضة في حادث تفجير اكثر غموضا، بل كانت اظهارا لموقف محدد قد يكون ذا بعد خارجي! فذكاء هذين النائبين، الذي سبق وان جنبهما مزالق كثيرة في الماضي، كان من الممكن ان يجنبهما هذا المنزلق، لو كان القرار قرارهما، فكيف ارتضيا لنفسيهما ارتكاب مثل هذه الحماقة الطائفية، وعن سبق ترصد؟!
لقد ذكرنا احتمال ان تكون وراء تصرفاتهما تلك اوامر او اياد خارجية، وهذا يعني ان تلك الجهات ربما ستقف معهما في مأزقهما وتحاول مساعدتهما في الخروج منه، او على الاقل تجنيبهما مضاعفاته الخطيرة والمحتملة على مستقبلهما السياسي، وهذا التدخل الخارجي سوف لن يكون في صورة زيارات وفود وتدخلات دبلوماسية ومطالبات علىمستوى القيادات، بل بالطرق التي اعتادت هذه الجهات على اتباعها. وبرعت في استخدامها في مثل هذه الاحوال، وعلى مدى العقود الثلاثة الاخيرة، التي تشمل التهديد بالخطف والقصف والهدم والاغتيال.
وعليه نطالب الجميع، وخصوصا المسافرين الى لبنان، او المتواجدين فيه من مواطنينا، توخي الحذر في القادم من الايام، فلا احد يعرف من أين ستأتي الضربة القادمة.
• ملاحظة:
بعد كتابة المقال أعلاه وردت أنباء عن تهديدات بقصف السفارة الكويتية في بيروت، مما تطلب اخلاءها فورا، وتبع ذلك صدور بيان حكومي يطالب الكويتيين بتجنب السفر الى لبنان في الوقت الحاضر.
بالرغم من عدم اعلان أي جهة مسؤوليتها عن التهديد، الا ان تقاعس حزب الله وأمل عن استنكار الحادث، بالرغم من خطورته على علاقات البلدين وعلى صناعة السياحة في لبنان، يشي بأمر ما!!