من باب الحرص على سلامة القلوب والنفوس والعقول، ومن باب صد الفتنة والخروج على ولاة الأمر، ومن باب أيضا حرص الراعي على الرعية والتفاف الرعية حول الراعي، فإننا لو سألنا هذا السؤال: «هل تريد أن تشتم الحكومة؟»، ووجهناه إلى كل شعوب الدول العربية والإسلامية تحديدا على أن يظهر المجيب صوته وصورته (نقل حي مباشر يعني)… ترى، كم هي نسبة الذين سيقفون بكل رباطة جأش وقوة وإصرار لينتقدوا حكومتهم ويشتموها؟
في نظري، لن تزيد نسبة من يريد شتم حكومته هكذا شاهرا ظاهرا على نسبة 10 في المئة…
لكن، لو سألنا السؤال بصيغة أخرى، وعبر استمارة لا وجه لها ولا يد… يعني، من دون اسم ومن دون أية معلومات بشأن المشاركين في العينة… هل تستحق حكومتك الاحترام؟ ووضعنا موقعا إلكترونيا ليصوت فيه الناس من كل شعوب العالم العربي، من الخليج إلى المحيط، فيبدو أن النسبة ستكون، في ظني، 99.9 في المئة: «لا تستحق الاحترام!».
سؤال آخر افتراضي، يمكن توجيهه إلى العينة المشاركة، اختياريا أيضا، وهو: كم نسبة المواطنين العرب الذين يشتمون حكوماتهم في ضمائرهم… (سرا يعني)، وفي دورات المياه أعزكم الله، وفي الأماكن المهجورة، وأثناء النوم… وكذلك في السيارات، وهم يتلفتون يمينا ويسارا؟… وكم في نظركم ستبلغ نسبة المواطنين العرب، من المحيط إلى الخليج هذه المرة، من يجلسون في بيوتهم أو في المقاهي أو في أماكن العمل وهم يشاهدون خطابا رئاسيا… العيون «مفققة» في شاشة التلفزيون، لكن، كم منهم «يشتم» في هذه اللحظة؟
يمكن 100 بالمئة؟
والآن سؤال آخر: ألا تدرك الحكومة/ الحكومات، أن هناك من يشتمها من مواطنيها؟… بلى، تدرك ذلك، بل وتدرك أيضا لماذا يشتمونها، وتبارك الله في المستشارين الذين حبا الله بهم الدول العربية والإسلامية وكل الدول النامية… خبراء وعلى مستويات رفيعة من التأهيل الأكاديمي والخبرة، لكنهم دائما سباقون لتشويه العلاقات بين الموطن العربي وحكومته، وفوق المستشارين، هناك المطبلون والمنافقون ووعاظ السلاطين والمصيبة الكبرى، أن هناك من الحكومات، من يصدق كلام أولئك المتمصلحين، الذين لن يصدق الكثير منهم القول: إنهم يريدون مصلحة البلد…
أما بالنسبة إلينا في البحرين، فلا أعتقد أن الحكومة ستصدق أن هناك من يكرهها، أو تستجيب لكلام المطبلين والمنافقين ووعاظ السلاطين إن قالوا: الكثير من الشعب لا يحبك يا حكومة؟ لأن الجواب هو: «98.4 في المئة»، هي نسبة التصويت على ميثاق العمل الوطني، في شهر فبراير/ شباط من العام 2001… هل يمكن أن تصدق الحكومة أن الغالبية لا تحبها؟
واذا كان هناك من «لا يحب» و»لا يوالي» و»لا يتأدب» ويشتم الحكومة، فيبدو أن هناك الكثير من السعة لنسأل: «لماذا يشتم أولا، ولماذا يفعل ما يفعل؟»… ثم، يكون القانون هو الفيصل…
كتبت ذات مرة، ليس عدلا أن يقال دائما ذلك الشعب لا يحب حكومته، فمن الإنصاف أن نسأل أيضا: «هل تحب الحكومة شعبها؟»…
عموما، كل عام والبحرين، قيادة وحكومة وشعبا في أمن وسلام…
وكل عام وأنتم بخير… لأنكم جميعا تحبون البحرين؟