احمد الصراف

جرعات دينية متنوعة

من المهم التأكيد هنا على أنني لا امتلك مدرسة خاصة ولا اعرف بشكل واضح وكاف من يمتلك واحدة. كما ان ابنائي انتهوا من دراستهم الجامعية قبل سنوات ولا احفاد لي حتى الآن في اي منها. وبالتالي، فما اكتبه بين الحين والآخر عن المدارس الخاصة لا يهدف لغير المصلحة العامة، من وجهة نظري الشخصية.
القصة الاولى: تقول أم محمد ان حفيدها، الذي لم يتجاوز العاشرة من العمر، والطالب في مدرسة خاصة ثنائية اللغة، اصبح يأتي كل يوم بقصة دينية جديدة، ويطلب من جدته مراجعتها معه. تقول ام محمد، وهي بالمناسبة محجبة، انها وابناءها تعلموا جميعا في مدارس خاصة، ولم يسبق لها او لاي من ابنائها ان مر بالتجربة، التي اصبح الحفيد يمر بها هذه الايام، ليس من واقع الكم الكبير من الجرعة الدينية التي اصبحت تحتويها مناهج مدارسته، بل بما يعطى له خارج المنهج ايضا! وتقول ان الغريب وغير المعقول هو القصص الدينية الغريبة التي تدرس له، والتي اصبح يصدقها ويقتنع بها ويقوم بترديدها. وعند اي محاولة لاصلاح فهمه، فان الطفل يتعلل دائما بان «المس»، او المعلمة، هي التي قالت ذلك!
تقول ام محمد ان هذا وضعها، وهي المربية والمعلمة السابقة، في موقف محرج ودقيق للغاية. فمن جهة، تود حفظ الاحترام للمعلمة، في عين حفيدها، ولكنها لا تود من جهة اخرى ان يتعلم الغريب، وغير الدقيق من المسائل الدينية، والتي لم يسبق لها او لاي من ابنائها ان سمع بها!.
عند مراجعة المدرسة المرة تلو الاخرى تبين لأم محمد ان الضغط قادم من ادارة التعليم الخاص، او من يقف وراءها، والتي تبدو، وكأنها اقوى من الوزيرة ومن يقف معها او وراءها!.
القصة الثانية: «سعيد. س» مواطن باكستاني يعيش في الكويت منذ سنوات، ومقترن بسيدة كندية. ارسل سعيد ابنته الى مدرسة خاصة. بعد اسابيع معدودة اصبحت الفتاة الصغيرة تشتكي من المدرسة، واصبحت تتلكأ في الذهاب وتتأخر في الاستيقاظ، ووصل الامر بها الى الامتناع عن الذهاب كليا للمدرسة.
عند الاستفسار والسؤال هنا وهناك، تبين للاب ان مقررات اللغة العربية والدين المفروضة على الطالبة الصغيرة اكثر من قدرتها على الاستيعاب. وهنا طالب والدها الباكستاني ادارة المدرسة باعفاء ابنته من الدروس الدينية فرفضت الادارة ذلك، متعللة بان هذه أمور تتعلق بادارة بالتعليم الخاص وبطلباتها، وعندما اثبت لهم ان الفتاة الصغيرة ليست مسلمة ردوا عليه بان اسمها مسلم وهذا كاف بالنسبة لهم!.
القصة الثالثة: اعلن السيد محمد داحس، وكيل وزارة التربية المساعد للتعليم الخاص بالانابة، وقد يصبح بالاصالة قريبا، ان نشرة ستصدر للمدارس تمنع الاختلاط في الرحلات الخارجية التي تنظمها المدارس الخاصة! وان على المدرسة اعلام الوزارة بخط سير الرحلة وعدد المرافقين!.
كما ستقوم الوزارة بتحديد تكلفة هذه الرحلات او تكلفة اي انشطة تقيمها المدارس الخاصة!
وفي قرار «قراقوشي» آخر، منع السيد الوكيل المساعد ادارات المدارس الخاصة من مطالبة اولياء امور الطلبة بالمصاريف المدرسية المتأخرة عليهم، ان رغب هؤلاء في نقل ابنائهم للمدارس الحكومية، خصوصا للمرحلة الابتدائية!.
ان هذا البؤس في التصرف لا يهدف لغير التأثير على سير عمل المدارس الخاصة ودفع اصحابها لاغلاقها، وخير دليل على ذلك قرار تكويت 100% من الهيئة الادارية في هذه المدارس، وهو قيد التنفيذ، وسيكون الاختيار طبعا من اختصاص مسؤولي الوزارة وسيكونون حتما من المتردية والنطيحة الذين سيجعلون من المدارس الخاصة نسخة بائسة من الحكومية!.

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *