في ظني، أنه في البحرين وليس في غيرها من الدول العربية والإسلامية، أصبح الناس يخافون من خطب صلاة الجمعة! فهذا اليوم المبارك، هو يوم عيد للمسلمين، وله قدسيته، لكن السنوات القليلة الماضية أثبتت أن هناك من ينتهز هذا اليوم من خطباء الفتنة ليتقرب إلى الله سبحانه وتعالى من خلال تكفير وتسفيه وإخراج مذهب أو مذهبين أو كل المذاهب – ماعدا مذهبه – من ملة الإسلام، فيصبح الجميع «كفارا»…عداه هو ومن لف لفه!
ما يثير الدهشة والاستغراب، هو أن كل الإسقاطات الطائفية والتأثيرات السلبية والمخاوف المتزايدة من انتشار التناحر الطائفي في منطقة الخليج، يرجعها البعض إلى الأوضاع في العراق، لكن، بقليل من المتابعة لخطب يوم الجمعة في مساجد وجوامع العراق من الطائفتين مما يمكن متابعته عبر القنوات الفضائية العراقية، نجد أن ذلك الخطاب لا يخرج أبدا عن المسئولية الدينية والوطنية والاجتماعية في الحفاظ على سلامة المجتمع الإسلامي، بل تحول بشكل مكثف خلال الأشهر القليلة الماضية إلى خط واحد في مواجهة الاحتلال وتوابعه، والتصدي للمتآمرين على الشعب العراقي، والتشديد على مواجهة الفتنة والعمل على مكافحة المد التكفيري والقتل على الهوية…
هذه حال خطب الجمعة في العراق، أما خطب الجمعة في البحرين، والحمد لله أن قلة من خطباء الجمعة هم من يدغدغ عواطف المصلين بالدعوات المتكررة للدفاع عن صحابة رسول الله (ص)، وفضح أعداء الأمة من الصفويين، فإنها تثير الأحقاد والعداوات والبغضاء، يصل بعضها، وهذا حصل، إلى لقاءات الغداء والمآدب التي يشارك فيها مواطنون من الطائفتين في مجلس أو في بيت أحد الزملاء في العمل…
لكن السؤال الموجه إلى وزارة العدل والشئون الإسلامية هو أن مكبرات الصوت ترتفع بما يخالف القانون ويثير الطائفية، فلماذا آذان الوزارة مصابة بالصمم؟!
لا أعتقد أن هناك من المواطنين، من السنة أو الشيعة، يرفض أن يقدم من يشعل فتيل الفتنة في خطبة جمعة إلى المساءلة القانونية… حتى لو رفض الناس، فالقانون يجب أن يأخذ مجراه بدلا من إصدار التصريحات الصحافية والكلمات في المناسبات التي تتحدث عن وحدة النسيج الاجتماعي ولقاء أبناء الأمة تحت مظلة الشهادتين… و… و…
والغريب، أن المصلين في البحرين لا يجرؤون في الغالب على رفض الخطيب «النووي»؟
هل يمكن أن ننظر إلى الأوضاع في غزة، لنربطها بخطب الجمعة؟ سأنقل إليكم صورة بسيطة وهي أن المصلين هناك، وفي هذه الظروف الصعبة، توجهوا لأداء صلاة الجمعة بمسجد السلام في دير البلح وسط قطاع غزة، لكنهم انسحبوا من المسجد احتجاجا على خطبة ألقاها أحد القياديين المعروفين دعا فيها إلى الفتنة وتعميق الاقتتال…
المصلون خرجوا من المسجد مفضلين أداء الصلاة في منازلهم أو البحث عن مساجد أخرى، حتى أن بعضهم قال «إننا كنا نتمنى أن نسمع كلاما طيبا في هذه الخطبة يدعو إلى الوحدة والتسامح، ولكن ما حدث العكس، إذ دعا الخطيب إلى المزيد من الفتنة والتحريض على القتل في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى لملمة جروحنا وتوحيد صفوفنا».