صرخت في وجه مسؤول سابق التقيته صدفة في إحدى الديوانيات: تتهموننا بالتأجيج ومهاجمة الحكومة للظهور بمظهر الأبطال أمام الناس على حساب التطور والتنمية؟ انظر إذاً لمستشاري بنك الكويت الوطني؛ رئيس وزراء بريطانيا السابق جون ميجور، رجل الأعمال المصري المبدع نجيب ساويرس، رئيس بنك باركليز السابق ماثيو باريه، المستشار الاقتصادي الخاص لشركة «بريتيش بتروليوم» البروفيسور بيتر دافيس، وغيرهم من عظماء العالم في الاقتصاد والإدارة، واحد وعشرون عقلية جبارة، من خيرة العقليات في الكرة الأرضية، استعان بها البنك، في حين تستقدم حكومتنا سقط المتاع من ذوي الخبرة في «مناديل القفا» والملفات السوداء الكبيرة و«كلّو تمام يا باشا»، مستشارون ليس منهم من «يفك الخط» في الكمبيوتر، دعك من بقية علوم العصر. أولئك هم مستشارو البنك وهؤلاء هم مستشاروكم رغم الفارق الكبير بين ميزانية الحكومة وميزانية البنك. وتأتي لتتهمنا بعرقلة التطور؟ تطور ايه اللي انتا جاي تقول عليه في السابعة مساء يا معلّم؟
وفي الوقت الذي يعتمد فيه بنك الكويت الوطني على أمثال ابراهيم دبدوب في رسم سياساته وخططه الاستراتيجية، تعتمد الحكومة الكويتية على أمثال عبد الهادي الصالح ومحمد السنعوسي والشيخ صباح الخالد والأجر على الله، والذين يعتمدون بدورهم على عبدو باشا وأبو العز باشا، و«إديها مية تدّيلك طراوة» و«الرزق يحب الخفية»… ولهذا جاءت النتيجة كما نرى الآن: البنك الوطني يحلق على ارتفاع خمسة وثلاثين ألف قدم، واضعا رجلا على رجل، ينظر من الأعلى لبعض البنوك بشفقة وهو يحتسي قهوته التركية، في حين تخاطب دولة الكويت بقية الدول «يا أهل الله يا اللي فوق، ما تبصوا على اللي تحت»، وتضع يديها على رأسها حماية له من أقدام الآخرين. متابعة قراءة مطلوب… «دبدوب»
اليوم: 5 فبراير، 2008
رطنة الرطيان
يكتب محمد الرطيان عن «التباسات الملابس» فيقول ان الحرية ليست «عريا» بل ان الحرية ان ترتدي من الملابس والافكار ما تشاء وعلى الآخرين احترام ذوقك فيما ترتديه، ويضيف ان العرب لبسوا «العقال» الاسود فوق رؤوسهم حزنا على سقوط الاندلس ومنذ ذلك التاريخ والعقل تتراكم على رؤوسهم بسبب الهزائم والنكسات و«العقل» سيخرج من تلك الرؤوس!
يقول ناطق رسمي هذا خبر «عار» عن الصحة ولا تدري ايهم اكثر عريا الخبر ام الناطق الرسمي حسب تساؤل الزميل الرطيان.
وفي مقاله «حرية الضجيج» الذي نشره في جريدة «الوطن» السعودية يقول: من حولي ضجيج رائع ولكنه يبقى ضجيجا! «الضجيج» يسيطر على جميع المنابر «والهدوء» العاقل لا منبر له! الهدوء يحتاج الى كثير من الجهد، «الضجيج» يكفي اتقانه ان تمتلك موهبة الصراخ! فلسفة الضجيج تقول لك: «اصرخ ما تشاء، والوضع سيظل كما هو»، للضجيج نجومه وأبطاله المعروفون جميعهم يقفون بجانب الضجة ايا كان مصدرها ليلتقطوا الصور التذكارية معها، تعالوا نستعيد كل «ضجة» حدثت العام الماضي ايا كان شكلها ومضمونها واتجاهها، ما الفائدة منها للوطن؟! لا شيء!
وضمن مقاله «فاكهة آب»، عندما تهب الريح العاصفة على البلاد لا يبقى ثابتا في وجهها سوى الاشجار العتيقة ذات الجذور الثابتة في اعماق الارض، رأسه: قبو، افكاره: نبيذ وكلما تأخرت بالخروج من قبولها كلها «تعتقت» بالحكمة اكثر… واسكرتنا!
«ثاني اكسيد الرقيب» تحاول ان تقول ما يجب ان يقال، يقول لك: ليس كل ما يعرف يقال، تقول له: انا «ناقد» للاوضاع، يقول لك: خطأ مطبعي يحول النون الى حاء، وتصبح «حاقد» على الاوضاع، ككاتب الورقة ملعبك، تحاول بكل ما تملك من مهارات ان تراوغ كي تصل المرمى وبعد ان تسجل الهدف امامك احتمالان: الخروج بنقالة او الطرد من الملعب! تحب البلاد اكثر من الرقيب، يحب الرقيب القانون اكثر منك!!
«كتابه عن الكتابة» قال لي – باحترام وتقدير مبالغ فيه: اريد ان اشبهك يا استاذ، قلت له: الاكثر شبها بي هو الذي لا يشبهني!
اجمل النصوص هو الذي تقرأه بعد سنوات من كتابته وتراه طازجا ولذيذا، اتعسها الذي يأتيك باهتا وباردا وهو على المائدة، على اطراف اصابعه الخمسة يقف شيخ الدين والوزير والسيد والقبيلة بعلاقاته الاجتماعية ومن ثم يدعي بأنه يكتب بأصابع حرة! جاء في التقرير الطبي – ربما في حادثة شنق المقبور صدام – انه مات مختنقا بحرف «الراء» في كلمة «حرية»!!
«البديل» قلبي معكم يا من تقاتلون من اجل التغيير وجموع الاهل من حولكم، يرددون دعاءهم الاثير «الله لا يغير علينا»! والفرق بينك وبينه: انه يتحدث عن الامور البسيطة بلغة معقدة وانت تتحدث عن الامور المعقدة بلغة بسيطة، لذا يظنونه اكثر ثقافة ووعيا منك!
آخر محطة:
الرطيان في رطنته التي اوردتها بتصرف كبير اكثر وضوحا في مفرداته التي هي حسب ما خطه كلمات يحيلها في مقالاته الى لكمات، من اغلب مثقفينا العرب الجالسين دون حركة ومنذ نصف قرن على عقول وانفاس شعوبنا العربية.. حتى اختنقت واستغبت وماتت احاسيسها!
الجعفرية والفتنة
أجرى جاسم عباس، الزميل في «القبس»، لقاء طريفا مع السيد عبدالله الهندي، حفيد احمد الهندي، اول مطهر شعبي اعترفت به ادارة مستشفى الارسالية الاميركية في اوائل القرن الماضي.
وتضمن اللقاء الكثير من الامور الطريفة والغريبة، وربما كان اكثرها اثارة لاستغرابي ان دعيج العون، جاسم معرفي، عبدالحسين الخباز، فهد الموسى، محمد النشمي، عبدالحسين زاهد، عبداللطيف العمر، عبداللطيف الفلاح، خالد المسعود، عبدالعزيز الدوسري، عبدالعزيز البالول، معجب الدوسري، عبدالله البالول، سعود الخرجي، محمود الناصر، سليمان البناي، محمد تقي، ملا عيسى المطر، ملا راشد السيف، حيدر بن نخي، محمود بهبهاني، جاسم العبدالله، محمد الصباغة، عبدالوهاب هاشم البدر، ابراهيم اليوسف، وصاحب اللقاء عبدالله الهندي، كانوا وغيرهم الكثير من طلاب «المدرسة الوطنية الجعفرية»، التي تأسست في عام 1938 بالقرب من نقعة معرفي على ساحل البحر! فكيف اجتمع كل هذا الخليط من شباب ثلاثينات القرن الماضي، الذين بلغ البعض منهم بعدها ارفع المناصب واكثرها اهمية في مدرسة جعفرية؟ ويقول السيد الهندي انه درس في تلك المدرسة ومن ثم عمل امينا لمخزنها، واصبح مدرسا فيها، ولقد حدث ذلك، وهذا كلامنا، على الرغم من ان اتجاه المدرسة المذهبي كان يختلف، ولا يخالف، مذهبه ومذهب غالبية من وردت اسماؤهم في الفقرة اعلاه، والذين كانوا من مشارب وخلفيات متنوعة ومن جميع مناطق الكويت واسرها، والذين لم تمنع خلفيات آبائهم المذهبية واختلافاتهم العرقية من إلحاق ابنائهم بتلك المدرسة، ليس فقط لما اشتهرت به تحت ادارة المربي سيد محمد حسن الموسوي، من حزم وحب للنظام، ولا للمستوى العالي لمخرجاتها، مقارنة بكتاتيب تلك الايام، حيث كان يدرس في المدرسة الجعفرية منهج اللغة الانكليزية والرياضيات وعلوما اخرى، بل لان مجتمع ذلك الوقت كان اكثر صفاء وصدقا مع نفسه، ولم تصله بعد لعنة التعصب المذهبي والعنصري التي أشاعها الغرباء، والبعض منا بين افراد الوطن الواحد.
نكتب هذه الواقعة التاريخية ونتمنى، وليس لنا غير ذلك، ان تعود الانفس الى بعض ما كانت عليه من صدق وصفاء، فما يجري على الساحة من تناحر وبغض مذهبي واختلاف ديني وتعصب عرقي احمق سوف لن نجني منه غير الخراب، الذي سيطال الجميع من دون استثناء، وما يجري في العراق ولبنان وتشاد وكينيا، درس اكثر من واضح لمن في رأسه عقل! فهل نتعظ؟
أشك في ذلك!
أحمد الصراف