أشعر بقوة العاصفة التي هبت وستهب على النائب الفاضل حسين الحريتي منذ إعلانه تأييده للوزيرة نورية الصبيح في الاستجواب الذي تقدم به ضدها «ابن عمه» الدكتور سعد الشريع. سبق لي وأن مررت بمثل هذا الموقف المكلف للغاية الذي جعلني عرضة لهجمات من جبهات عدة، هجمة تلو هجمة شنها الصغار إلى أن حصلت على جائزة نوبل في المناعة. قوانين القبيلة أحيانا تفرض عليك البقاء أعمى أصم أبكم، لا ترى إلا ما يرى رئيس القبيلة أو الفخذ الأكبر فيها. صحيح أن محاسن القبيلة تفوق وبمراحل مساوئها، إلا أن هذا لا يعني أن تبيع حريتك في المزاد العلني ليقتادوك بالحبال مطاطئ الرأس، أو أن تستأصل لسانك كي لا تصرخ محتجا على خطأ هنا وخطيئة هناك، أو أن تقطع سبابتك كي لا تشير إلى موطن خلل… لا لشيء سوى «الحمية الجاهلية».
قالوا: فئتك هي عمقك، لماذا لا تفعل كما يفعل الكاتب والوزير السابق علي البغلي الذي يدّعي الليبرالية ويهاجم متديني السنة ثلاث مرات يوميا، ولا يقترب من حمى طائفته الشيعية… قلت: ليبرالية علي البغلي لا تتجاوز قيمتها عندي الثلاثمئة والخمسة والعشرين فلسا أحمر (قبل انخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدولار) قابلة للمساومة، وسأزيدكم من الشعر قصيدة: بسبب علي البغلي، غسلت يدي بالماء والصابون من جمعية حقوق الإنسان عندما علمت بأنه عضو فيها، وهي العضوية التي سمحت له بالدفاع عن التتار وتناسى هجوم زملائه ضد القبائل في الكويت، ولا فرق عندي بين علي البغلي ومحمد المهري (وكيل المراجع الشيعية)، بل أرى بأن المهري يحلق بأجنحة بيضاء مقارنة بالبغلي، فــ «خلوها على الله» أو فلتضربوا لي مثلا يحتذى، واتركوا عنكم البغلي وليبراليته المعممة.
قالوا: أبناء العوائل يناصرون بعضهم البعض ضدنا على الخطأ قبل الصواب، وهو ما دفعنا دفعا للتناصر ضدهم، هذه بتلك يا الوشيحي… قلت: ليسوا كلهم عبيدا لفئتهم، فيهم أحرار، عودوا بذاكرتكم لاستجواب الوزير الأسبق عادل الصبيح عندما تشظى المجتمع بسببه إلى شظيتين اثنتين: حضر وبدو، وارتفع غبار المعركة السوداء فبكى أحد النواب الذين لم يحتملوا هول المعركة وشراستها، هل تتذكرون تلك اللحظات؟ حينها أعلن بعض النواب الحضر تأييدهم لطرح الثقة في عادل الصبيح، وعلى رأسهم النائب أحمد السعدون، وفوق ذلك، شاهدنا الكثير من الاستجوابات التي تقدم بها نواب حضر ضد وزراء حضر، في حين لم نرَ استجوابا واحدا (كما أعتقد) من نائب قبلي ضد وزير قبلي، ستتحججون بقلة عدد الوزراء البدو و«لا نريد أن نضاعف ظلم الحكومة على أنفسنا»، وهي حجة غير مقنعة لو فكرتم فيها بهدوء… ولو تعنصر الشيعي للشيعة والسني للسنة والقبلي للقبائل والحضري للعوائل، فبشروا عزت إبراهيم الدوري وأبناءه.
وقبل أن أتمنى عدم صحة ما بلغني عن عزم بعض النواب «الحضر» استجواب الوزير عبد الله المحيلبي (من باب السن بالسن)، أقول للفاضل حسين الحريتي: بأمثالك يتحرر الناس، بأمثالك فقط، فـ «الجبناء لا يجرؤون على كسر القيود»… اكسر قيود القبيلة دون أن تكسرها هي، واستمر وستجدنا بجانبك يا أبا محمد.
***
تلقيت اتصالا من النائب الفاضل طلال العيار أجابني فيه على تساؤلي في المقال السابق عن مدى صحة الأخبار التي تحدثت عن إصابته بآلام في عينيه، وأوضح لي بأن الأخبار تلك صحيحة وأنه الآن يتماثل للشفاء… لا بأس طهور إن شاء الله.