مع قدوم فخامة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش للكويت في زيارته المرتقبة هذا الأسبوع، نتمنى أن يأمر بإطلاق سراح أبنائنا الأربعة المتبقين في غوانتانامو لتبتسم الشفاه وتطمئن القلوب.
فخامة الرئيس، لن أدخل في التفاصيل، أو بيت الشيطان كما يسميها المفكرون، لكنني وكثيرين نتساءل: أما لهذا الظلام من نهاية؟ أليس للكويت مكانة عندكم كما لبعض الدول التي أطلقتم سراح أبنائها؟ سيد بوش، أنتم أعلنتم من جهتكم بأن الكويت حليف خاص لأميركا، ونحن من جهتنا، ثمنّا هذا الأمر وساهمنا بمساهمات تعلمونها أنتم أكثر من غيركم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان فخامة الرئيس… وأهلا ومرحبا بزيارتكم لبلد لم ينس أبناؤه دماء أبنائكم على أرضه.
***
لأنني مؤمن، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فقد لُدغت من جحر واحد أكثر من خمس وعشرين مرة، إذ كلما خرجت من قصر العدل بعد انتهاء التحقيق في قضية صحافية وجدت على سيارتي مخالفة مرورية صفراء شاحب لونها تغث الناظرين.
في آخر قضية صحافة، يوم الخميس الماضي، ولأن مواقف السيارات كلها مشغولة أمام قصر العدل، فقد أوقفت سيارتي في القارة المجاورة، هناك بالقرب من مبنى مجلس الأمة، خلف الأنهار والجبال، وتوجهت للقصر مشيا على الأقدام المجردة… أمشي وأضحك على خزينة المرور التي تفرك كفيها وتمسح لعابها بحثا عني، وهي تردد بجشع: «اصطبحنا واصطبح الملك لله، يا رزاق يا كريم، يا فتاح يا عليم»! ولأنني أعلم بأن هذه الخزينة كانت قد أنشأت مبنى المرور الجديد على حسابي، وتريد الآن استكمال تأثيثه، على حسابي أيضا، فقد أخذت احتياطاتي وقررت بخبث أن تجلس قيادات المرور على البلاط الحاكم.
انتهى التحقيق وخرجت من القصر متجها إلى سيارتي، فرأيت من بعيد شيئا أشبه بالورقة يتحرك على زجاج سيارتي الأمامي، فتحركت يداي بتلقائية لإعادة فكي الأسفل إلى موقعه وإعادة إعمار وجهي الذي تغيرت ملامحه، وفكرت جديا بالبكاء، لكنني تريثت إلى حين التأكد وقطْع الشك باليقين، فرفعت أسفل ثوبي وجريت لسيارتي، فشاهدتها، إنها الورقة الصفراء الملعونة ذاتها…. ظننت الحكاية مقلبا، فتلفتّ للأعلى والأسفل فلم أشاهد أحدا، ووجدتها فرصة سانحة والحمد لله، فجثمت على ركبتيّ وأجهشت بالضحك واللطم.
سعادة وكيل المرور اللواء ثابت المهنا يبدو أنك لم تسمع بالرحمة من قبل، أو على أفضل تقدير، تعرفها «معرفة وجه»… عموما، مبروك عليك مخالفتي الجديدة التي ستشتري بها طاولة شاي لضيوف مكتبك، وزقوم إن شاء الله لضيوفك الكرام، ويؤسفني أن أعلن لك بأنني لن أسمح باستكمال باقي أثاث مكتبك الذي لم يعد ينقصه سوى «الأباجورة»، وسأذهب لقصر العدل في المرات المقبلة على «المشهر» حصان الزير سالم.
تكفى يا بو ليلى المهلهل، لقد أهلكني اللواء ثابت المهنا جوعا و«شتّتَ بزراني وبزران خلق الله» بكثرة تحرير المخالفات لنا وهو يعلم بأن مواقف قصر العدل لا تكفي لكل السيارات… أسعفنا يا سالم بمربط خيل لنعيد الأمور إلى نصابها، فمرورنا هو الأسوأ عالميا، وفي الوقت نفسه، هو الأغنى عالميا أيضا… هل كيف؟