يُعرف عن اهل الكويت تاريخيا انهم اهل صيد، فبعضهم يعشق صيد البحر والبعض الآخر صيد البر، ويعلم هؤلاء جميعا ان النهج الخاطئ للصيد كاستخدام الصنارة لصيد الزبيدي او طعم الحشرات لصيد الصقور لا يؤدي للهدف المنشود حتى لو كررت المحاولة آلاف المرات، ومن ثم تقتضي الحكمة والتقييم الصحيح للامور استخدام الاداة المناسبة للوصول للهدف المناسب.
هذا الامر ينطبق كذلك على الاستجوابات التي ثبت بشكل قاطع انها لا تؤدي الغرض منها وهو تحسين الاداء في القطاعات الخدماتية (تعليم، صحة… الخ) التي يتعرض وزراؤها بشكل متكرر للاستجوابات والدليل على ما نقول انه ورغم عشرات الاستجوابات والتغييرات الا ان الشكوى مازالت قائمة التي ربما أساءت الاستجوابات لها بدلا من تحسينها نظرا للتغيير المستمر في المسؤولين عنها حتى اصبح معدل بقاء الوزير في وزارته لا يتعدى اشهرا قليلة، فكيف له ان ينتج؟ وكيف للخدمة التي يستخدمها الشعب الكويتي كافة ان تتحسن؟
واذا كنا لم نستفد من الاستجوابات المتتالية لتحسين الخدمات، بل قلّ ان تكون هناك متابعة لاحقة لمحاور الاستجوابات بعد ابتعاد الوزير المعني وكأن الاستجواب وضع للانتقام الشخصي لا للخدمة العامة، وجدنا ان الاستجواب الحالي قد اضيفت له بعض السلبيات كالألفاظ المؤسفة التي لم نعتدها في التخاطب، خاصة بين نواب ووزراء زملاء في العمل السياسي تضمهم قبة برلمان واحد.
ومن سلبيات الاستجواب الحالي استخدامه من قبل البعض لتقسيم المجتمع الى تفرعات فئوية لا يرتضيها احد بعيدا عما اعتدناه من ردود فعل مؤيدة او معارضة للاستجواب طبقا لموضوعية محاوره. اننا لا نرى غرابة على الاطلاق في ان تقوم الكتلة الاسلامية الجديدة باستجواب وزيرة التربية طبقا لقناعاتها.
كما انه ليس من المستغرب ان تدعم كتلة العمل الشعبي استجوابا يقدم ضد وزير في الحكومة دون ان يحمَّل هذا الموقف فوق ما يحتمل، فقد سبق للنائب الفاضل د.حسن جوهر ان تقدم باستجواب ضد وزير التربية الاسبق وقد كان الطرح راقيا في ذلك الاستجواب ونال ثناء الجميع، وهو ما نأمله.
ومثل ذلك الموقف المعتاد من كتلة العمل الوطني وحليفها النائب الفاضل عادل الصرعاوي من دعم معلن للوزيرة منذ اليوم الاول لتوزيرها لما يرونه من مسار اصلاحي لها في الوزارة ابان تسلمها منصب الوكيل المساعد فيها، لقد تم تقديم الاستجواب بالامس والمهم ان نشاهد ممارسة سياسية راقية، لا يتم خلالها اصدار الاحكام المسبقة قبل المداولة ولا تستخدم فيها الالفاظ الخارجة، كما لا تحكم بها إلا الضمائر الحية ولا تقدم بها الا مصلحة الكويت، فالمسؤولية السياسية والتاريخية جسيمة امام الله وامام المواطنين، فلتشهد جلسة الاستجواب المقبلة اداء غير متشنج نفوز به بالعنب دون ان نقتل الناطور او الناطورة.
آخر محطة:
حقا هل سيتم استجواب وإبعاد كل وزير تحدث اخطاء او تعديات او تحرشات جنسية في وزارته؟! ان كانت الاجابة بنعم فلنستعد للاستجواب والابعاد اليومي للوزراء كون مئات آلاف العاملين في دوائر الحكومة ليسوا ملائكة بل بشر خطاؤون، وان كانت الاجابة بلا فلنعامل وزيرة التربية كمعاملة بقية الوزراء ممن تجب محاسبتهم لا على الخطأ الذي ارتكبه غيرهم، (وألا تزر وازرة وزر اخرى)، بل على معطى عدم محاسبة من اخطأ ان حدث مثل ذلك الامر.