كتبت الزميلة في صفحة المقالات أروى الوقيان مقالا جميلا وحساسا في الوقت نفسه عن عيني سارة الحزينتين. تعلق موضوع المقال بما يفتقده الكثيرمن المرضى، خصوصا من المصابين بأمراض مستعصية من نزلاء المستشفيات الخاصة والحكومية، من رعاية اجتماعية وتوفير حنان واهتمام ومواساة وتشجيع!
على الرغم من أهمية هذا الجانب في شفاء المريض والتخفيف من معاناته، فإن أحدا لا يتوقع من الهيئة الطبية أو حتى التمريضية القيام به أثناء ساعات عملها لانشغالها بمهمات أخرى. وعليه يكمن الحل في قيام طرف ثالث بتلك المهمة عن قناعة تامة ومن دون مقابل، لا من خلال وظيفة يتقاضى مقابلها راتبا شهريا! فتوفير الرعاية النفسية والاجتماعية للمرضى، وخصوصا أولئك الذين يضطرون للبقاء في الدار أو المشفى لفترات طويلة، والتخفيف من معاناتهم والبقاء معهم لساعات وقراءة القصص لهم والاتصال بأهاليهم ومشاركتهم في الأعياد والأفراح وإقامة البسيط والبريء من الحفلات لهم، كلها أمور لا يمكن تنظيمها إداريا ووضع قواعد وأنظمة لها، بل تحتاج الى من يتطوع من تلقاء نفسه للقيام بها، وهذا ما طالبت به ‘أروى’ في مقالها وفيه يكمن الحل الذي يتطلب تنفيذه فتح باب التطوع لمن يرغب من المواطنين والمقيمين في القيام بهذه الأعمال.
على الرغم من نبل الفكرة وجمالها، وهي فكرة سبق ان طالبنا قبل سنوات بتطبيقها، فإننا اكتشفنا ان ما يعيق تنفيذها لا يتعلق فقط بغياب القواعد المنظمة لفكرة التطوع من ناحية ساعات المشاركة، من دخول وخروج، والطريقة والمؤهلات المطلوب توافرها في المتطوع وسيرته الذاتية وغير ذلك الكثير، بل ما يعيق تطبيق الفكرة حقا هو غيابها من أدبيات حياتنا اليومية.
فالتطوع فكرة إنسانية سامية لم تعرفها ولا تعرفها مجتمعاتنا، التي تعودت من الحكومة أن تقوم نيابة عنها بالكثير من المهمات، ومن الخادم والخادمة والسائق ببقيتها. كما أنها بعيدة عن أخلاقيات الكثيرين منا لعدم ورود ذكر لها في كتب التراث بشكل واضح ومحدد. إن صفة التراحم والتوادد التي طالما تغنينا بها، والتي قد يكون لها بعض الوجود بيننا، شيء، والتطوع للقيام بمهمة تطوعية في مستشفى أو دار رعاية أو مأوى عجزة شيء آخر تماما. فنحن بحاجة ماسة الى ان نعد أنفسنا نفسيا واجتماعيا لتقبل فكرة القيام بالتطوع للعمل في مستشفى أو دار حضانة أو مركز إيواء لقطاء أو أيتام، هذا إذا كنا على استعداد أصلا لأن نعترف بوجود لقطاء ‘كويتيين’ بيننا!
لا يكفي يا عزيزتي ‘أروى’ أن يكون لديك ‘منفردة’ كل هذا الإحساس الإنساني المرهف وهذا الحماس لمساعدة الآخرين والتخفيف من معاناتهم، وهذا في حد ذاته أمر رائع يبين طيب معدنك وحسن تربيتك، ولكن المشكلة أكبر من ذلك بكثير والبؤس الاجتماعي مستمر.. وفي فمي ماء يمنعني من قول ما أريد وبقلمي كسرة تمنعه من كتابة ما أعتقد.
أحمد الصراف