شهد العالم في القرن المنصرم الكم الاكبر من الطغاة الاباديين ممن لم يشهد لهم التاريخ مثيلا، فلم يعرف عن نيرون واتيلا وهولاكو وجنكيز خان وغيرهم انهم فعلوا بشعوبهم ما فعله قادة امثال ستالين وهتلر وموسوليني وماو وسونغ وبول بوت وصدام…
وقد تكون احدى العلامات الفارقة بين طغاة العهود الغابرة وطغاة القرن الماضي ان الاولين كانوا صادقين مع انفسهم، ولم تكن هناك اجهزة اعلام ومخابرات تزيف الحقائق وتخفي النوايا، لذا اعلنوا بصراحة نواياهم الشريرة تجاه اعدائهم، وكانوا رحماء بشعوبهم، بينما اتقن طغاة العهد الجديد الكذب الشديد وادعاء حب شعوبهم كطريق ونهج لابادتها قبل ابادة الشعوب الاخرى مما جعل ميكافيللي يبدو طفلا بريئا امام ألاعيبهم الشيطانية.
وهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الطغاة الاباديين من المحدثين تظهر انهم كانوا يتعلمون من تجارب بعضهم البعض، حتى ان الطاغية صدام كان يحتفظ بكل الكتب التي صدرت عن الطاغية ستالين في غرف نومه، ومن تلك القواسم المشتركة قتل المقربين مما يرعب الآخرين، وكذلك كفرهم جميعا بالله وبالاديان جميعها كوسيلة للتخلص من الابرياء وكي لا يقف وازع اخلاقي او ديني امام ارتكابهم الجرائم الابادية الرهيبة تجاه الآخرين.
ومن تلك القواسم الاستخدام الزائف للايدلوجيا التي لم يكونوا يؤمنون بها حقا، سواء كانت شيوعية، بعثية، نازية، فاشستية… الخ، اضافة الى كراهيتهم الشديدة لشعوبهم رغم ما يدعونه، فقد تسبب استهتار هتلر بأرواح الشعب الالماني في الاشهر الاخيرة من الحرب الكونية التي حسمت خلالها نتائج تلك الحرب بقتل 5 ملايين الماني ممن يدعي هتلر حبهم، وهو امر مشابه لما قام به ستالين وماو وبول بوت وصدام تجاه شعوبهم من زجهم في حروب ومعتقلات وتهجير تسببت بقتل الملايين دون داع.
وقد اعتمد الطغاة جميعا على جيوش مؤدلجة وحرس خاص واجهزة مخابراتية مدمرة وجعلوا الشعوب تتجسس من الرعب على بعضها البعض فيضطر كل مواطن للابلاغ عن الآخرين خوفا من ان يبلغوا عنه، كما اعتمدوا على نهج عبادة الفرد ضمن واقع سيكولوجي معقد يجعل الشعوب تعبد طغاتها كونهم فقط ابقوهم احياء، كما قيدوا الحريات الاعلامية واعتمدوا بالمقابل على منهجية الدعاية التمجيدية الكاذبة التي تزيف الواقع وتقلب الحقائق بعد عزل الشعوب عن وسائل الاعلام الدولية الحرة، وكان من اشهر رجالات الدعاية الزائفة في تلك الحقبة القميئة غوبلز وهيكل والصحاف…
وقد استقصد الطغاة فئات من شعوبهم بالابادة كالاكراد والكولاك واليهود كوسيلة للارعاب ثم انتقلوا بعد ذلك لبقية الشرائح دون تمييز، وبالمقابل عاش الطغاة حياة خاصة منعمة جدا لا تتماشى على الاطلاق مع ما يدعونه من تقشف او ما تسببوا به من فقر ومجاعات وبؤس مدقع للشعوب التي حكموها، ويتبقى فارق واحد بين تعامل شعوبهم وشعوبنا مع الطغاة، حيث نلحظ خجل شعوب الارض جميعا مما فعله طغاتهم وفخر بعض شعوبنا ومفكرينا بالمجرمين الطغاة امثال صدام.
آخر محطة:
يخبرني صديق عراقي اثق به يسكن بغداد عن روايات سمعها شخصيا من المرافق الشخصي «الخاص» لصدام حيث يقول ان الطاغية عاش في قصوره السبعين حياة مترفة لم يشهدها بشر قبله او بعده، حيث تحضر له في كل مرة وجبات من الفتيات الجميلات اللاتي يشاركهن السباحة عاريا، وحال خروجه تبدأ السهرات الحمراء الخاصة والمشروبات الفريدة جدا باهظة الثمن، وقد تنتهي السهرة بسلام او في بعض الاحيان بحالة قتل حال وقوع خلاف بين صدام واحدى الفتيات الجميلات التي قد تكون قد احضرت له قسرا وهو ما كان ذلك المرافق شاهدا عليه مرارا.