خرجت مصر بخيار منها من مسابقة عجائب الدنيا السبع الأخيرة، ويمكن لمصر بالمقابل ان تطعن في نتائج تلك المسابقة كون 99% ممن صوتوا فيها ليسوا مختصين في علوم الآثار، كما ان أحدا منهم لم يشاهد عجائب الدنيا الأخرى، لذا كان التصويت دون معرفة وعلى معطى الحمية والعصبية القومية، ولمصر ان تقترح كذلك تشكيل لجنة من المختصين تحت رعاية الأمم المتحدة تزور جميع الآثار وتقرر بعد ذلك، وسنجد على الأرجح ان تلك اللجنة ستمنح مصر سبع عجائب على الأقل وستعطي لبقية العالم مثلها أو أقل منها.
أمضيت الفترة القصيرة الماضية في زيارة لمدينة أسوان الساحرة وآثارها ثم استمتعت بالرحلة النيلية العجيبة بين أسوان والأقصر التي تلتها زيارة معابد ومتاحف الأقصر العديدة والتحليق فجرا بالمنطاد فوق الكرنك ووادي الملوك، ويمكن في تلك الزيارة ان تشاهد الملايين من السائحين الأجانب ممن لا أثر لهم في القاهرة المزدحمة وبالمقابل لن تجد عربياً أو خليجياً واحداً في تلك المدن الرائعة قليلة السكان، نظيفة الهواء.
ورؤية الآثار المختلفة دون مرشد سياحي تجعلها صخورا مملة، أما بوجود المرشد السياحي المختص فتتحول الى تاريخ إنساني حيّ ناطق، تذهلك إنجازاته وتقدمه العلمي والحضاري ما يجعلك تتساءل لم تجمد الزمن خلال 5 آلاف سنة فلم يُبن شيء على تلك الحضارة المعجزة؟ مما جعل بعض المختصين الأجانب يعتقدون بحق ان القائمين عليها أتوا من كواكب أخرى.
ويمكن لمصر ان تكون لها عجائبها السبع (على الأقل) الخاصة بها التي تفوق في رقيها وقدمها وتقدمها جميع عجائب الدنيا الأخرى، ومن تلك العجائب 1 – الأهرامات، 2 – الكرنك، 3 – معابد أبوسمبل، 4 – معبد الأقصر، 5 – مقابر وادي الملوك، 6 – مقبرة نفرتاري (ملكات)، 7 – ادفو، 8 معبد نفرتاري أبوسمبل، 9 – معابد كوم امبو، 10 – معبد الفيلة، 11 – أبوالهول، 12 – مجموعة توت عنخ آمون، 13 – تماثيل رمسيس الثاني، 14 – المسلات التي وزع منها 12 مسلة لعواصم العالم ولم يبق منها إلا 5 في مصر، 15 – معجزة نقل وإنقاذ آثار النوبة، وفي هذا السياق لا تحتاج مصر وبها جميع تلك العجائب الحقيقية الى ان تدعو الزائرين والسائحين لزيارة الأعجوبة «الغوبلزية» الزائفة المسماة بالسد «العالي» الذي سبق ان ذكرنا انه غير مذكور على الإطلاق ضمن السدود العشرة الأعلى في العالم، أو الأكثر اختزانا للمياه.
وقد سألني من معي مستغربا وبدهشة ونحن فوق السد، أين السد العالي؟! ان الميزة الوحيدة لذلك السد هي انه أصبح، وبسبب الغضب والجهل الثوري، الأكثر كلفة في العالم على الإطلاق بسبب الحروب التي تمت لأجل بنائه (حرب 56 وما تلاها من حروب 67 والاستنزاف و73) وقد قام النظام الثوري الشاطر بتأميم قناة السويس لبناء السد غير العالي والذي تبنى المئات مثله دون شوشرة في العالم بدلا من الانتظار لعشر سنوات حتى عودتها الرسمية إليه وحصد محاصيلها خلال تلك المدة.
وقد كان بإمكان النظام الثوري ان يشتري أسهم القناة من المساهمين من البورصات العالمية بدلا من التعويض المالي الباهظ الذي فرض عليه ودفعه عام 57 والذي قارب 400 مليون جنيه استرليني، لقد رفض النظام الثوري العبقري حصد بعض تلك المداخيل لمدة عشرة أعوام إلا أن رعونته تسببت في إغلاق القنال ووقف مداخيلها لعشر سنوات أخرى هي عام بعد حرب 56 وتسعة أعوام بعد حرب 67 حتى أتى قرار السادات الشجاع بفتحها، وهذي هي القرارات الثورية العربية العبقرية المعتادة التي يروج لها هيكل ومن لف لفه.
آخر محطة:
الى جانب تلك الزيارات الأثرية يمكن للزائر ان يسكن في فندق كاتراكت أسوان ويفطر أو يتغدى في ركن الملك فؤاد المطل على النيل وان يسكن في فندق القصر الشتوي في الأقصر الذي اعتاد ملوك مصر والعالم زيارته في الشتاء وجميعها تضيف بعدا آخر لمصر الجميلة التي تحتاج الى من يعيد اكتشافها من قبل أبنائها ومن قبل العرب والخليجيين.