للأسف الشديد فان 99% ممن يتكلمون عن خصخصة «الكويتية» اما لا يعلمون شيئا عن الخصخصة او عن علوم الطيران او عن شؤون «الكويتية» او حتى عن الثلاثة معا ولنا في هذا السياق تساؤل هام هو هل تراجعت الدولة عن استراتيجية كويت المركز المالي والخدماتي؟ فاذا ما كانت الاجابة بنعم فما هي بدائل النفط التي نعدها لنضوبه؟! واذا ما كانت الاجابة بنعم فما الناقل الذي سيحضر لنا ملايين الزائرين والمستثمرين من مشارق الارض ومغاربها؟ وهل هناك مركز مالي – لا نعلم به كحال مصانع الطائرات السرية التي تحدثنا عنها في مقال سابق – قد قام دون شركة طيران حكومية تخدم ذلك الهدف الاستراتيجي كحال «السنغافورية» و«الاماراتية» و«القطرية» و«الاتحاد» و«الخليج» و«العمانية» و«السعودية» الخ؟.
وقد نشرت صحفنا المحلية عدة اخبار الاسبوع الماضي متصلة بموضوع خصخصة «الكويتية» الهام اولها قيام شركة طيران كويتية خاصة لها نفس حقوق نقل «الكويتية» بعقد صفقة تأجير 3 طائرات صغيرة لخدمتها للسنوات الثماني المقبلة وهو امر مبرر جدا لدى الادارة الاقتصادية القائمة على تلك الشركة والمشهود لها بالتميز والنجاح الباهر مادامت قصدت الربحية والمحافظة على اموال المستثمرين وقد سبق ان بينا ان شركة لوفتهانزا الاستشارية قد رأت ان طريق ربحية «الكويتية» يمر عبر اغلاق جميع محطات آسيا واوروبا «عدا لندن» وأميركا الشمالية فمن سيحضر المستثمرين لكويت المركز المالي عدا شركة وطنية تملكها الحكومة؟!
الخبر الثاني نشره الزميل علي الهاشم في صفحته المختصة بعلوم الطيران في جريدة القبس حيث اظهر استفتاء مجلة «فلايت انترناشنال» الشهيرة ان 70% من الخبراء لا يعتقدون بنجاح مشاريع الطيران في منطقة الخليج، والخبر الثالث نشرته «الأنباء» واظهر ان اصول «الكويتية» هي مشاريع قائمة على اراض حكومية لن يكون لـ «الكويتية» حق بها متى ما تحولت الى القطاع الخاص، اضافة الى طائرات متهالكة تسبب تشغيلها في الخسائر القائمة.
ان افشال او تأخير مشروع حيوي هام جدا ككويت المركز المالي لاجل مشروع خصخصة «الكويتية» الفاشل سلفا لا يرى احد صحته او الحكمة منه خصوصا ان التجربة الدولية اثبتت ان العالم يكتفي في كل منطقة جغرافية بمركزين ماليين لا اكثر ففي شرق آسيا تم الاكتفاء بسنغافورة وهونغ كونغ وفي أوروبا بسويسرا ولوكسمبرغ وفي الاميركيتين بجزر الكايمن والباهاما ومن ثم فان اي تأخير في انجاح مشروع كويت المركز المالي سيعني حيازة المراكز المالية الخليجية الاخرى التي تخدمها شركات طيران حكومية عملاقة لقصب السبق وبقاءنا دون مشروع بديل للنفط بسبب قرار مستعجل تم من غير ذوي الاختصاص ودون مشورة المختصين والمطلعين.
وحتى نثبت ما هو اقرب للبديهة من خطأ الاستعجال بقرار خصخصة «الكويتية» أضرب مثالا حيا من اليابان أم الليبرالية الاقتصادية في العالم التي تسيطر على اقتصادها الشركات الخاصة الكبرى حيث قررت الحكومة اليابانية في نوفمبر 2004 «خصخصة» قطاع الخدمة البريدية المملوك كحال «الكويتية» للحكومة وبدأ مع القرار حوار واسع حوله اضطرت خلاله الحكومة اليابانية لحل البرلمان بعد ان عارضها في مشروع الخصخصة حتى نواب حزبها «المتمردون» دفاعا عن 250 الف ياباني يعملون في تلك الخدمة «اقل كنسبة وتناسب من موظفي «الكويتية» الذين لا بواكي لهم».
وقبل ايام وبعد 3 سنوات «من النقاش والحوار المتواصل توصلوا الى حل يقتضي بقاء تلك الخدمة مملوكة للحكومة اليابانية حتى عام 2017 قبل تخصيصها اي ما احتاجته العقول اليابانية من دراسات ونقاشات وحوارات استغرقت سنوات طوالا تم الوصول اليه بثوان من قبل بعض المسؤولين غير المختصين ممن ورطوا الكويت و«الكويتية» بمثل ذلك القرار المستعجل الذي سيقتل مشروعي الخصخصة وكويت المركز المالي معا وفي وقت واحد، ان هناك قطاعات ووزارات وشركات حكومية مضمونة الربح يفترض ان تتصدر مشروع الخصخصة كحال الدول الاخرى اضافة الى انها غير متداخلة في قرار الانفتاح الكويتي فلماذا لا نبدأ بها بدلا من «الكويتية»؟!
آخر محطة:
شاب كويتي في مقتبل العمر لم يبق له الا اسابيع قليلة ويتخرج في كلية الطب تصطدم به بالامس سيارة مسرعة فتحطم سيارته وتصعد روحه الى بارئها تشتكي ظلم من احالوا سياراتهم الى اداة قتل للآخرين، فالعزاء الحار لـ «آل بوزبر وآل شهاب الكرام» على فقيدهم الغالي فهد ولأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون.