أكبر الكبائر لدى الاديان السماوية وضمن القوانين الوضعية هي ازهاق النفوس والارواح البريئة، ويعجب المواطنون من احكام قضائية نقرأها في صحفنا تجعل ازهاق النفس الواحدة او حتى النفوس مجتمعة اشد منها مخالفات المرور او حتى التعدي بالشتم على الآخرين كونها تنتهي اما بالسجن او الغرامات المالية الباهظة لا احكام براءة مطلقة كما يحدث مع جرائم القتل بعد ثبوتها.
لقد قرأنا ما تم مع جريمة قتل الاطفال التي كتبنا عنها قبل مدة قصيرة ثم قرأنا بعد ذلك عن جريمة الاب الذي ربط ابنه المعاق بالسلاسل وتركه تحت الشمس حتى توفي بدلا من ايداعه احد المصحات او المستشفيات وذهب الفاعل دون عقاب، ثم قرأنا بعد ذلك اطلاق سراح المواطن الذي «قتل» خادمه والحال كذلك مع ما اخبرنا به من مصير من نحر ابنته كنحر الشاة دون ذنب وقد تكون هناك عشرات الاحكام المماثلة التي لم نطلع عليها بسبب عدم نشرها.
وتحت خبر اطلاق سراح قاتل ابنه في الكويت على موقع «العربية» قرأت خبر تنفيذ حكم الاعدام في ايران بشاب قتل طفلة ثم قطعها بالسكين ودفنها ثم عاد واخرج جثتها من القبر واعاد تركيبها على الفراش ونام بقربها وعاود دفنها في الصباح وحاول بعد عدة ايام اخراج الجثة لاعادة تركيبها، الا ان تعفن الجثة ورائحتها منعاه من ذلك لذا اكتفى بالنوم قرب رأس الطفلة!، اذا لم يكن ذلك القاتل مجنونا فما الجنون اذن؟! ومع ذلك تم اعدامه ولو حدثت تلك الجريمة لدينا لكان القاتل يمشي بيننا طليقا بعد حصوله على صك البراءة السريع من وزارتي الصحة والعدل ولكان رجال الشرطة والمحققون يندبون حظهم العثر على جهدهم الذي ضاع هباء.
وفي اغلب الجرائم الشنيعة التي نقرأ عنها ومنها الجريمة التي حدثت قبل ايام نجد ان هناك صحيفة سوابق خطيرة وطويلة للفاعلين المطلق سراحهم، واذكّر هنا بالتشريع الاميركي المسمى strikes lucky 3 اي ان من لديه سابقتان عدليتان يصبح حكم الثالثة حتى لو كانت سرقة قنينة شراب غازي من سوبر ماركت هو المؤبد لردع ومنع المجرمين من تكرار ارتكاب الجرائم، لدينا نقرأ في الصحف عمن لديه 20 – 30 سابقة ويبقى مطلق السراح للسير بيننا حتى يقتل احدا ثم ينظر في امره، فإما الحجز والعقاب المتأخر او اطلاق سراحه مرة أخرى!
ان تقديس غير المقدس كأحكام القضاء امر يجب ان يعترض عليه القضاة الافاضل قبل غيرهم لذا يجب ان يخلق نظام تنتقد من خلاله الاحكام القضائية بكل شفافية ويتم التعرف على اسباب صدورها واي علة تشوبها حتى تمتد عملية الاصلاح الذي ترفع رايته الدولة ويطالب به الشعب قاطبة من السلطة الاولى الى السلطات الاخرى.
آخر محطة:
نرجو من معالي وزير الداخلية الفاضل الأمر بالاسراع في انشاء 5 – 10 سجون حديثة وجديدة تقسم حسب طبيعتها، فلأصحاب المخالفات المرورية والجنح الصغيرة سجون ذات نوعية معينة يمكن حتى ان تسمح للسجين بقضاء النهار في عمله وبين اهله والعودة مساء لها كما يحدث في بعض الدول المتقدمة، ثم تتدرج السجون الى النوعية المتشددة المختصة بعتاة الاجرام ممن يجب ان يبعدوا عن السجناء الآخرين، بل حتى عن بعضهم البعض منعا للضرر، ان اكتظاظ السجون الحالي هو احد اسباب الاحكام المخففة الصادرة على بعض المجرمين وهو دواء أمرّ من الداء.