الحكومة لن تقصر… الحكومة تدرك وتسعى دائما إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين… الحكومة تدرس الكثير من البرامج… هناك تصورات لدى الحكومة لزيادة الرواتب… والحكومة… والحكومة والحكومة… وستبقى الحكومة هي الهدف الذي يجب أن يشفي غليلنا، وهي التي يجب عليها أن تسمعنا المزيد والمزيد مما نحب ونرضى.
ما نحبه ونرضاه هو أن نعيش كما يعيش بعض الأشقاء في دول مجلس التعاون… هناك، تنقل الصحف ووسائل الإعلام وكذلك المواقع الإلكترونية قرارات الزيادات بستين وسبعين وثمانين وتسعين ومئة في المئة، فتفوح من رؤوسنا «دخاخين» لا مثيل لها… لا في زيادة الـ 15 في المئة، ولا في غيرها التي لم تصل إلى مستوى الطموح وهي قليلة عموما.
من سوء الحظ أن التحولات المشابهة حولنا في منطقة الخليج متسارعة بصورة أكبر، وإذا ما تجاوزنا جانب اختلاف الإمكانات والموارد المالية وما إلى ذلك، فإننا لا نستطيع تجاوز موجة الغلاء التي تطحن أولنا وآخرنا في دوران لا يتوقف! وإذا كنا لا ننظر إلى موضوع زيادة الأجور على أنه مطلب لمواجهة غول الغلاء وارتفاع الأسعار وصعوبة تحقيق الحلم في الحصول على مسكن مناسب، فما الذي سينظر إليه المواطن؟
ولكن، هل الحكومة مقصرة بعد كل ذلك؟
من وجهة نظري المتواضعة، فإن الحكومة مقصرة، والمؤسسة التشريعية الممثلة في المجلس النيابي مقصرة أيضا، لأنه لا يوجد هناك توافق على ما يبدو للتعامل مع مسألة تحسين الأجور على أنها مسألة مرتبطة بالحياة اليومية ولقمة العيش وليست مرتبطة بالرفاهية… وإذا كانت الصحف تمتلئ بالمقالات والأعمدة والكتابات من الصحافيين والقراء العاديين، فإن ذلك لا يمكن أن يعطي انطباعا عن صعوبة الوضع… بل صعوبته وحقيقة شدته تظهر من خلال تغطية التزامات آخر الشهر المالية التي تجعل رب الأسرة بعد أن ينهي «الحسبة» معرضا لأشد أنواع الهجمات المرضية فتكا.
ومن سوء الحظ أننا لا ننفك ننظر إلى قرارات الزيادة التي صدرت في الإمارات والكويت وقطر، ونجد أنفسنا «نلطم» ألما وحسرة، ويجد البعض منا فرصته السانحة للبكاء الحار، ولكننا في كل الحالات سنبقى متطلعين إلى ما يمكن أن يبعث في قلوبنا السرور… فشهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، هو الشهر الوحيد الذي يشعر فيه الناس بحقيقة الاعتزاز والانتماء الوطني! وأقول ذلك بكل صراحة، لأنه الشهر الذي يلتقون فيه مع خطاب سامٍ يوم السادس عشر من ديسمبر، فينتظرونه بكل شوق ولهفة لأن فيه الخير الكثير، وفي هذا الشهر، يا صاحب الجلالة، سينتظر الناس منكم ما يشيع الفرح والسعادة كما عودتموهم دائما… لينعم الوطن بالاستقرار والرفاه والعافية.