نحن، بشكل عام، شعوب شكاكة لا تصدق ما يقوله الآخر، وخاصة اذا كان من ‘الحكومة’!! ولو نشرت اعلانا عن رغبتك في بيع بيت بمساحة ألف متر مثلا ولونه أصفر ويقع في القادسية لأعاد كل متصل السؤال عن حقيقة لون البيت وموقعه ومساحته في أسئلة مكررة وكأنهم لم يقرأوا تفاصيل الاعلان.
كما علمتني التجربة أن كل ما يرد في اعلان توظيف عن مواصفات شغل وظيفة محددة لا يعيرها المتقدم لشغل الوظيفة أي اهتمام وبالتالي نجد أن أكثر من 50 % من المتقدمين لأي وظيفة معلن عنها لا تنطبق عليهم الشروط.
والآن، ما الفكرة التي ستكونها عن شخص قام بنشر اعلان صحفي موجه لأبنائه فقط يطلب فيه منهم التقدم لشغل وظيفة نائب مدير عام لاحدى مؤسساته؟! لا شك أنك ستعتقد بأن صاحب الاعلان هذا رجل كثير الأبناء الى درجة لا يعرف فيها اسماءهم جميعا، ولا توجد لديه سجلات تحصر عددهم، ولا يعرف عناوينهم ولا كيفية الاتصال بهم، وبالتالي فهو انسان جاهل ومهمل وفوق هذا وذلك عديم الاحساس بالمسؤولية!!
ولكن، ماذا لو قامت مؤسسة حكومية جامعية تعنى بالتعليم والتطبيق العملي للعلوم والتدريب على المهارات بنشر اعلان في الصحف المحلية تعلن فيه عن فتح باب الترشيح لمنصب نائب مدير عام، والصحيح هو لشغل ثلاثة مناصب مدير عام، وليس منصبا واحدا، كما ورد في الاعلان؟!
ستعتقد بأن الوظيفة مفتوحة للجميع، ولكن عندما تقرأ الشروط الواجب توافرها في المتقدم تجد أن أولها، أن يكون المتقدم من أعضاء هيئتي التدريس والتدريب في المؤسسة نفسها!! وهذا يعني أن هذه المؤسسة التعليمية لا تعرف كيفية الوصول لأبنائها، أو التواصل معهم وبالتالي اضطرت إلى اللجوء للاعلان.
أما الشرط الثاني، فقد تعلق بضرورة توافر شروط ومعايير محددة في المتقدم للوظيفة. وهنا يفترض أن هذه الجهة، المختصة بالتعليم والتدريب، هي الأقدر من غيرها على تحديد من من أبنائها تتوافر فيه شروط التعيين أكثر من غيره، وذلك لكي توقف سيل الطلبات غير المنطقية، لأن الجميع سيتقدم للوظيفة بصرف النظر عن الشروط!!
وهكذا، نجد أن ‘الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب’، صاحبة الاعلان، لم تختلف كثيرا عن ذلك الأب الجاهل الذي لا يعرف أبناءه ولا عددهم ولا كيفية الاتصال بهم، والذي اضطر إلى نشر اعلان موجه لأبنائه بالذات يطلب فيه ممن تتوافر فيه مواصفات محددة الاتصال به لشغل منصب محدد!! ألا يعتبر هذا أمرا مخجلا في حق مؤسسة متخصصة في شؤون التعليم والتدريب؟
واذا كانت هذه حال مثل هذه الجهات فما هو وضع الجهات الحكومية الأخرى الأقل تعليما وتدريبا؟
نترك الجواب لفطنة القارئ ولمسؤولي الهيئة.
أحمد الصراف