في العام 82 كتبت سلسلة مقالات اعترضت خلالها على إنشاء صندوق صغار المستثمرين المتضررين من انهيار سوق المناخ وذكرت ان من كتب شيكا عليه دفع ثمنه بدلا من ان تقوم الدولة بسداد ذلك الدين عنه، وفي العام 93 كتبت سلسلة مقالات أخرى معترضا كذلك على برنامج المديونيات الصعبة، لذا ليس غريبا ان أقف اليوم ضد برنامج شراء المديونيات السهلة التي يسدد 98% من المقترضين فيها ديونهم دون مشاكل.
وواضح اعتماد من يطالبون بشراء الديون هذه الأيام، على تجربة شراء المديونيات الصعبة عام 93 رغم اختلاف الظروف وما قيل من ان تلك المديونيات كانت ستتسبب في انهيار النظام المصرفي ومن ثم تضرر الجميع وان كبار المدينين تضرروا من انهيار المناخ والكساد الاقتصادي الذي تلاه ثم أكمل عليهم الغزو المدمر – لذا فتجربة شراء المديونيات السهلة 2007 سيتم الرجوع إليها سريعا بعد عام أو أكثر لإسقاط أو شراء المديونيات السهلة الجديدة ولن تكون هناك حجة للرفض لتطابق الظروف، وسيتكرر المولد أو الحفل كل عام حتى إفلاس الدولة وذهاب كل شخص لحاله.
وعمل البنوك في جميع أنحاء العالم هو منح القروض «للمقترضين المحترمين» ولا أعلم لماذا اعتبر القرض في بلدنا جرما شنيعا يضرب المثل باعداد من «ارتكبه» فيقال بصوت هامس ان هناك 300 ألف مقترض في الديرة يجب ان نبرئهم من تلك التهمة، ثم ما الذي ستفعله البنوك بعد ان تشتري الدولة مديونيات المواطنين، أي هل ستوزع أموالها هبات للناس أم ستلجأ لإقراض ما بقي من أموالها لمواطني الهند والسند وبلاد تركب الأفيال منعا للمشاكل؟!
ثم ان شراء المديونيات يعني ان الدولة ستضخ 4.5 مليارات في البنوك ومن ثم خلق آثار غلاء وتضخم فادحة ستصيبنا جميعا بالضرر، وفي هذا السياق هناك 200 دولة أخرى تشاركنا كوكب الأرض ربعها على الأقل أثرى منا حيث تمتلك الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والسياحة والمياه لا نفطا ينحدر سعره كل يوم وينحدر معه سعر العملة التي نبيعه بها كما انخفض حجم احتياطياتنا النفطية من مائتي عام الى عقود قليلة.
ولا أعلم لماذا علينا ان نفترض ان المواطن الكويتي لا يعلم ما يفعل حتى انه يقوم بالاقتراض من البنوك الكويتية بنصف راتبه ثم يقوم بالسفر للبلدان الأخرى للاقتراض من بنوكها بضمان نصف راتبه الآخر، ثم إذا كانت البنوك هي المخطئة عبر تسهيلاتها للأفراد فلماذا نكافئها عبر شراء الدولة لمديونياتها بدلا من تركها «تتدبس» فيها؟
آخر محطة:
استباقا لما قد يأتي، هل يمكن إصدار تشريع يمنع مقترحا مستقبليا بتوزيع دخل النفط والاستثمارات آخر كل عام على الشعب الكويتي المصطف في ساحة الصفاة أو ساحة العلم؟!