بسبب آلام الظهر وعناء السفر توقفنا، لاكثر من أسبوعين، عن الكتابة اليومية، وهذا ما لم يحدث منذ ما بعد التحرير وحتى الأمس القريب.!
سلامات يا بوطارق
***
نشر في الصحف المحلية قبل فترة، نقلا عن وكالات الانباء، ان قاضيا سعوديا اصدر في جدة حكما على شاب ادين ب’الاصطحاب المحرم’ لفتاة في احد شوارع المدينة، حكم عليه بحفظ جزء من القرآن و40 حديثا شريفا! وشدد القاضي على ضرورة قيام ‘الجاني’ بمراجعة المحكمة بعد شهر من صدور الحكم للتأكد من حفظه لما طلب منه. وعلى الرغم من جمال فكرة الحكم، غير المسبوق، الذي تم من خلاله تجنيب شاب في مقتبل العمر خطر الاختلاط بمجرمين ومهربين داخل السجن، فإن ربط العقوبة بحفظ نصوص مقدسة لم يكن بالامر الموفق، خاصة ان المحاكم السعودية بدأت في الآونة الاخيرة بزيادة جرعة هذا النوع من ‘العقوبات’ بدلا من السجن والجلد، كما جرت العادة هناك منذ سنوات. وقد سبق ان طبقت الكويت هذا النوع من ‘العقوبة’ على بعض المساجين من خلال تخفيف احكام سجن على مجرمين لمجرد قيامهم بحفظ سور من القرآن!
على الرغم من فعالية العقوبات الاجتماعية مع الكثير من مرتكبي الجرائم البسيطة او غير الخطيرة، فإن التوسع في تطبيقها على الجميع قد لا يكون امرا حسنا. فمن يقرأ مثل هذه الأخبار فإنه سرعان ما يكتشف ان ذلك القاضي السعودي، او سلطات السجن في الكويت، قد لجأت الى طريقة خاطئة في معاقبة المذنبين او التخفيف من عقوبة السجن عليهم عن طريق اجبارهم على حفظ نصوص قرآنية، وبالتالي تحويل عملية الحفظ الى اداة او وسيلة لتوقيع العقوبة الزمنية، بدلا من العصا او السوط او السجن، وهذا، بحد ذاته امر معيب.
فمن المعروف ان المجرم، والخطير بالذات، انسان ذكي بطبيعته، او مريض. فإن كان مريضا فإنه يستحق العلاج وليس حفظ نصوص دينية. اما ان كان غير ذلك فإنه بالتالي اكثر قدرة على الحفظ من النزلاء الاخرين، وهذا يعطيه ميزة عليهم، لمجرد كونهم اقل ذكاء او قدرة على الحفظ، وبالتالي تصبح مسألة تخفيف العقوبة عنه، ان هو حفظ اجزاء من القرآن، بمنزلة هدية قد لا يستحقها. ومن الملاحظ كذلك ان منطقتنا تفتقر كثيرا الى العقوبات التي تشتمل على قيام المذنب المدان باعمال الخدمة الاجتماعية في مراكز المعاقين والمستشفيات والمستوصفات مثلا، بدلا من زج البعض منهم في السجون وافسادهم اكثر من خلال اختلاطهم بكبار المجرمين ومهربي ومروجي المخدرات وغير ذلك.
أحمد الصراف