تهتم المنظمات الانسانية الدولية والحكومات الغربية بأوضاع العمالة في دول العالم الثالث بشكل عام، والاسلامية والخليجية بشكل خاص.
قضية الاستعباد والاتجار بالبشر ليست بالجديدة ولا بالغريبة، فقد كانت دوما جزءا من التاريخ البشري، وكان اليونانيون قبل 2500 عام يقصرون حق المشاركة في الديموقراطية على الاحرار، دون الارقاء، كما تعامل الكثير من الاديان، مع ظاهرة العبودية كحقيقة مسلم بها، ووضعت لها مختلف التشريعات والقواعد المنظمة وفرقت حتى بين عقوبات جرائم الاحرار عن تلك التي تطبق على الارقاء، وبالرغم من ان الاسلام حاول التقليل من ظاهرة العبودية بوضع مخارج عدة للتخلص من الرقيق والاتجار بالبشر بيعا وشراء واستغلالا، فان الفتوحات الاسلامية الواسعة التي تسارعت وتيرتها في العهد الاموي، وما بعد ذلك، والتكاثر البشري وحب الاحتفاظ بالاماء، بدلا من عتقهن، كانت الزيادة فيها اكثر تسارعا من مشجعات قطع روافد الاستعباد، وبالتالي لم يكن غريبا استمرار كل هذه القرون في منطقة الجزيرة وحتى وقت قريب جدا، والكويت كان عهدها بالرق حتى ستينات القرن الماضي، واستمرت الظاهرة لما بعد ذلك في دول خليجية اخرى، كما انها لا تزال متفشية بشكل كبير في مناطق من السودان، وبشكل اكثر انتشارا في موريتانيا، وبعض دول افريقيا الفقيرة جدا.
من الحقائق التاريخية ان بريطانيا سبقت دول العالم اجمع في محاربة تجارة الرق، وكان القانون الذي اصدره البرلمان البريطاني قبل ما يزيد على 200 عام الركيزة التي انطلق واعتمد عليها الاسطول البريطاني في مصادرة السفن التي كانت تحمل الرقيق من افريقيا بصورة خاصة، واعادتهم لبلادهم. كما كانت الولايات المتحدة الاميركية، بخلاف كل الدول الغربية الاخرى، الاكثر استرقاقا للبشر في التاريخ، كما دفعت الثمن الافدح، ولا تزال، نتيجة سياسة التفرقة العنصرية التي كان يتبعها الكثير من ولاياتها حتى سنوات قليلة مضت! ولا يمكن نسبة الفضل في تحريم الرق دوليا لغير الدول الغربية التي سعت مجتمعة، وبقوة،لاصدار الميثاق العالمي لحقوق الانسان، وهو الميثاق الذي لا تزال الاكثرية من الدول العربية والاسلامية تتحفظ على الكثير من بنوده المهمة.
ما يجري من انتهاك لأبسط حقوق الانسان في الكثير من دول الخليج، ومنها الكويت، لايمكن النظر اليه بغير منظار العبودية والاستغلال البشع لحقوق البشر، فظروف معيشة نسبة كبيرة من العمالة في دول الخليج، الخيالية الثراء، تقترب كثيرا من ظروف الرق، فغالبية العمالة الوافدة لا حقوق لها وتجبر على دفع مبالغ كبيرة مقابل دخول جنة العمل في دول الخليج ولا تكتشف سوء المنقلب الا بعد وصولها وتبخر حتى الرمادي من احلامها، دع عنك الوردي منها!!
الطريف، او المبكي، ان الكثير من الدول المتهمة بالاتجار بالبشر تصف تقارير وزارة الخارجية الاميركية السنوية المتعلقة بطرق تعامل الحكومات مع قضية الاتجار بالبشر، بالتحيز وبكونها نوعا من التدخل في شؤونها الداخلية!! ورفض هذه الدول لملاحظات الخارجية الاميركية يشبه وضع ذلك الانسان الذي يقوم بضرب وكي اولاده والعاملين معه لاتفه الاسباب، وعندما تتدخل السلطة لحمايتهم يتعلل بأنهم ابناؤه وتابعون له وهو بالتالي حر التصرف بمصيرهم!!
والغريب اننا اكثر الناس تشدقا بمقولة ‘الساكت عن الحق شيطان اخرس’!! ومع هذا نهاجم الدول الغربية لانها لم تسكت عن محاولاتنا استرقاق البشر والاتجار بهم.
أحمد الصراف