‘الله للجميع والمواطن للطائفة أما الوطن فحدث ولا حرج’
(صادق جلال العظم)
***
تقول شهلا حائري*: يعرف الفقه الشيعي الزواج (بشكل عام) بأنه عقد مقايضة يتضمن نوعا من الملكية. وهذا يعني انه في مقابل موافقة المرأة على منح الرجل حق الاتصال الجنسي يحق لها الحصول على كم محدد من المال، وبعيدا عن الخلافات المذهبية بين المذاهب فإن الزواج المؤقت، اي المتعة، كان يكتنفه دائما مزيج من الغموض والازدراء. وقبل ثورة 1979 كانت الطبقات الايرانية الوسطى غير المتدينة ترفضه، قامت المؤسسة الدينية بشرعنته. ولكن هذه المؤسسة تعتقد انه رحمة من الله للإنسانية وضرورة لصحة الفرد والمحافظة على النظام الاجتماعي. يعتبر زواج المتعة ظاهرة مدينية، لارتباطها تاريخيا بالحج والتجارة مع الاقطار البعيدة، وتتم ممارسته اساسا في محيط المقامات الدينية. لكن تأييد النظام الاسلامي في ايران لهذه الممارسة ادى الى تعديل هذه الصورة.
والزواج المؤقت هو عقد بين رجل وامرأة غير متزوجة، سواء أكانت عذراء ام ارملة ام مطلقة، يتم تحديد مدته وكمية المال التي ستحصل عليها الزوجة. ولا يتطلب عقد زواج المتعة وجود شهود. كما ان تسجيله ليس مطلوبا، على الرغم من ان هذين الشرطين قد خضعا للتعديلات. ومدته ترتبط برغبة الطرفين فقد تكون ساعة او 99 عاما. وعند انتهاء المدة تستطيع المرأة ان تفترق عن الرجل من دون حاجة للطلاق. وللرجل الشيعي حق الزواج الدائم الذي يهدف الى توليد النسل بأربع نساء في وقت واحد، اما غير ذلك فله حق التمتع في وقت واحد بأي عدد من النساء من دون حدود. وللمسلمة الشيعية، عذراء او غير ذلك، ان تعقد زواج متعة مع رجل واحد، في كل مرة ترغب في ذلك، شرط ان تمتنع بعد انقضاء العقد، ومهما قصرت مدته، عن ممارسة الجنس لفترة العدة المعتادة، وذلك لتحديد والد الطفل في حال حمل المرأة.
ويعتبر ابناء زواج المتعة شرعيين ويتمتعون، نظريا بمكانة وحقوق اخوتهم نفسها من الزواج الدائم، وهذا ما يميز هذا النوع من الزواج عن الدعارة.
***
بخلاف فترة التنوير التي كانت في زمن عبدالعزيز حسين التركيت، عندما كان مسؤولا عن تعليم جيلنا، فإن من الممكن القول من دون تردد ان حكومات الكويت المتعاقبة طول نصف القرن الماضي فشلت في ارساء مفهوم المواطنة لدى الشعب الكويتي وبالتالي نهشتنا الطائفية والقبلية عند اول تجربة.
يعتبر زواج ‘المتعة’، المؤقت، عند الشيعة الاثني عشرية زواجا مشروعا، كما سبق وان ذكرنا، طالما توافرت له شروط محددة. وبالتالي فهو زواج حلال ومجاز شرعا، كما يجيزه القانون الوضعي في ايران ويمارس على نطاق واسع ضمن اوضاع معينة في الكثير من المدن الايرانية وفي اجزاء من لبنان، وربما في مجتمعات شيعية اخرى، ولكن على نطاق اضيق وبسرية اكبر. وبالتالي ليس هناك ما يعيب الحديث عنه، فهو شرعي وسبق ان تناولت الكثير من الكتابات الجادة موضوع زواج المتعة بحثا وتمحيصا، كما كان مجال شرح واسهاب من قبل الكثير من رجال الدين الشيعة وغيرهم من الباحثين.
نكتب ذلك على ضوء الضجة التي اثيرت قبل رمضان الماضي اعتراضا على نية بث مسلسل ‘للخطايا ثمن’ على تلفزيون ‘الام بي سي’، وما تبع ذلك من تدخل الحكومة الكويتية، من خلال وزير اعلامها، مع مالك المحطة مباشرة للطلب منه، او لترجيه، وقف بث المسلسل، الامر الذي عرض المحطة ومنتج المسلسل لخسائر كبيرة!
شاهدت كامل الاجزاء التي اثيرت حولها الضجة والتي كانت تدور حول المتعة، ولم اجد فيها امرا يخالف ما هو معروف ومعلوم عن هذا النوع من الزواج. وبالتالي لم يكن هناك ما يمنع عرضه طالما انه ناقش الموضوع بصورة جادة ومن دون ابتذال او اسفاف او سخرية. فإذا كان المعترضون على قناعة بصواب هذا النوع من الزواج، فإن من الغريب ملاحظة اعتراضهم على خوض المسلسل فيه، فالمذهب الشيعي ليس مذهبا باطنيا، وبالتالي كان من المفترض، من الناحية المبدئية، عدم الاعتراض على سيناريو المسلسل طالما لم يتعرض لهذا النوع من الزواج بالانتقاد ولم يقم بعرضه بطريقة غير صحيحة.
ما نحتاج إليه حقا هو الكثير من الصراحة والشفافية في التعامل مع القضايا الخلافية، ولكن من نكلم؟
***
* شهلا حائري، حفيدة آية الله الحائري. الكتاب ‘المتعة، الزواج المؤقت عند الشيعة’، شركة المطبوعات، بيروت، الطبعة الثامنة 1997.
أحمد الصراف