وافقت الحكومة قبل عشر سنوات لمجموعة من الجهات على تأسيس شركة ‘الخدمات عامة’ لتقوم بمهمة تخليص معاملات المواطنين والوافدين لدى دوائر الدولة مقابل رسوم رمزية.
تناوب على إدارة الشركة مجموعة من عتاة المتقاعدين وأكثرهم من الفاشلين إداريا، ولم توفق الشركة بالتالي في إقناع أي جهة بقبول خدماتها أو جديتها!
مع بدء تآكل رأسمال الشركة وتذمر مالكيها من فشل الإدارة في تحقيق أي نجاح يذكر، قامت جهة مالية قوية محسوبة على حركة الإخوان بإقناع الملاك، عدا طرف ضعيف واحد، بالخروج برؤوس أموالهم منها ومن ثم تخفيض رأسمالها إلى الخمس فقط، والقيام بعدها مباشرة، أي في يوليو 2002، بتوقيع عقد ‘مبهم’ ومليء بالغموض مع د. محمد الجار الله، وزير الصحة الأسبق، المحسوب، وبشكل خفي، على حركة الإخوان المسلمين، يحقق للشركة ملايين الدنانير ربحا سنويا من دون مقابل جدي يذكر!
وهذه أهم بنود العقد الذي كان من المفترض أن تقوم الشركة بموجبه بتركيب نظام كمبيوتر يحتوي على التاريخ الطبي لكل مقيم، بحيث يمكن لطبيب أي مستشفى أو مركز صحي الاطلاع عليه بمجرد ‘كبسة’ زر!! وكل ذلك مقابل استيفاء الشركة لمبلغ دينار واحد من المقيم، من غير الخدم وموظفي الحكومة:
1 – تتكفل الشركة بتدريب موظفي الحكومة على الأعمال موضوع العقد، وبأي عدد كان، خلال السنتين الأخيرتين منه!! وهذا لم يتحقق منه شيء بعد مرور أكثر من 15 شهرا على تاريخ استحقاقه، حيث إن العقد ينتهي في 10/7/2008!
2 – تستوفي الشركة رسم دينار عن كل بطاقة!! وهذا غير صحيح إطلاقا، حيث تفننت الشركة في استيفاء ضعف هذا المبلغ في حالات كثيرة.
3 – تلتزم الشركة بتمويل برامج تعزيز التوعية الصحية!! وهذا بند مبهم وغير واضح ومر على الجهات الرقابية، ربما من دون تعليق. كما لم يتحقق منه شي وملموس، خصوصا أن البند الأخير في مذكرة التفاهم نص على قيام الشركة بدفع مبلغ 25 ألف دينار للصحة مقابل هذه البرامج! فمن الذي سيقوم بتطبيق البرنامج، الشركة أم الدولة ونحن لم نر من أي الطرفين شيئا بخصوص هذه التوعية؟!
4 – من مهام الشركة حسب أهم بنود العقد (رابعا) توريد وتركيب الأجهزة والبرامج والشبكات وتقديم إحصائيات دورية وتسليم النظام بكامله للوزارة، بعد الربط بين المراكز الصحية والمستشفيات وبين الوزارة والهيئات الأخرى!! وهذا لم يتم تحقيقه بعد مرور أكثر من 4 سنوات!
5 – تلتزم الشركة بتشغيل المشروع في مدة، أقصاها شهران من تسلمها للمواقع!! لكنها تأخرت في التشغيل لسنة تقريبا. وعلى الرغم من أن البند 12 نص على غرامة تأخير 100 دينار عن كل يوم عمل، فإن الوزارة لم تقم بتطبيق الغرامة!!
6 – نص العقد على كون الأجهزة والبرامج مطابقة لمعايير ISO9001 وFCC وأن تكون مرخصة، وهذا ما لم تقم الشركة بإثباته!
7 – العقد ينص على ساعات عمل صباحية ومسائية!! وهذا لم يطبق في جميع المراكز!!
وأخيرا، وبما أن للوزارة الحق في فسخ العقد أو إنهائه إذا أظهر طرفه الآخر إهمالا في تنفيذ التزاماته، وحيث إن أي جهة كانت، غير ملاك الشركة المعنية، لم تستفد إطلاقا، أكرر إطلاقا، من هذه الخدمة السخيفة التي انحصرت في إصدار بطاقات بلاستيكية لا تعني شيئا لأن غالبية – إن لم يكن كل – مستوصفات ومستشفيات الحكومة تصر على إبراز البطاقة المدنية قبل تقديم العلاج للمريض، وحيث إن الشركة ستتمكن، مع انتهاء مدة العقد، من تحقيق أرباح صافية تزيد على الملايين دون جهد يذكر أو مخاطرة حقيقية، فإن من المصلحة العامة إنهاء هذا العقد بتاريخ انتهائه في 19/7/2008 والتفكير بصورة جديدة في أسلوب أكثر فاعلية!
أحمد الصراف