انتقد الجناح المتشدد في ايران سياسة الاتجاه التصالحي والمنفتح مع العالم ومع الجيران، التي اتخذها في السابق الرئيس الايراني المثقف محمد خاتمي، والداعية الى حوار الحضارات بدلا من صراعها، وقال الرئيس أحمدي نجاد انها تسببت في ضم ايران الى محور الشر (!!).
وينظر كذلك الجناح المتشدد في ايران الى حرب صيف 2006 في لبنان ولربما الى حرب ناصر 56 والتي تحول بها الانكسار العسكري الى انتصار سياسي خول مصر وحزب الله الخروج من محيطهما الجغرافي الضيق الى المحيط الجغرافي الأوسع وبذا أصبح ذلك الجناح المتشدد يتشوق للحرب القادمة للخروج من مأزقه الداخلي وبحثا عن الانتصار السياسي المتوقع.
على الجانب السياسي الأميركي هناك إجماع بين القيادات الثلاثة، ونعني الرئيس جورج بوش والمرشح الجمهوري الأبرز روديو جولياني والمرشحة الديموقراطية الأوفر حظا بالفوز بالرئاسة القادمة هيلاري كلينتون، على اتخاذ مواقف متشددة من ايران ومنعها من الحصول على السلاح النووي خاصة بعد تهديدها المباشر بإزالة إسرائيل من الخارطة (كتهديد صدام بحرق نصف إسرائيل الذي انتهى بالتعدي على دول الخليج) ومعروف ان كلينتون وجولياني يمثلان نيويورك التي تحوي أكثرية يهودية مؤثرة وقد انفردت كلينتون بأنها المرشحة الديموقراطية الوحيدة التي صوّتت مؤخرا مع قرار الرئيس الأميركي باعتبار الحرس الثوري الايراني منظمة إرهابية.
وعلى جانب المصالح الاقتصادية لجهات الضغط المؤثرة في القيادة الأميركية، وهي في الأغلب تنتمي للولايات الحمراء أو الولايات الجنوبية في الأعم، فمصالحها تقوم على ارتفاع أسعار النفط وتفعيل مصانع الأسلحة المقام أغلبها في الجنوب حيث زرعت هناك بهدف ادخال الجنوب الأميركي عصر التصنيع وخوفا من تفكير بعض ولاياته مرة أخرى بالانفصال ولا شك في أن حربا في الخليج ستخدم بشكل مباشر مصالح لوبيات الضغط تلك.
في اسرائيل يرى الصقور ضرورة المشاركة في عملية ضرب ايران حتى لو اختلطت الأوراق كوسيلة لارضاء الشارع الاسرائيلي بعد تصريحات الرئيس الايراني المكذبة لمحرقة الهولوكست المقدسة لدى اسرائيل اضافة الى تهديده الآخر بإزالة اسرائيل من الخارطة ويرى هؤلاء ان المشاركة في الحرب القادمة فيها اثبات ان اسرائيل تبقى الحليف الحقيقي والوحيد لأميركا في المنطقة بعد ان يتخلى عنها حلفاؤها الجدد في حقبة ما بعد 1991.
على الجانب الغربي للخليج ترى دوله ان لا فائدة من تلك الحرب التي قد تعرضهم الى خطر أمني مضاعف من الداخل والخارج اضافة الى تعطل عمليات التنمية الاقتصادية وفي هذا السياق علينا في الكويت ان نظهر التزامنا الكامل بقرارات المجتمع الدولي والتحالف الوثيق مع الولايات المتحدة فواضح ان ايران لن تستطيع الرد في العمق الأميركي أو تجاه ناقلات الطائرات المغيرة شديدة التسلح لذا ستبحث عن الرد عبر محاولة التعدي على الدول الخليجية، ومن وضع ضمن استراتيجيته مثل هذا التصور فلن يعدم «اختلاق» الأعذار لخدمته، لذا فما دامت النتيجة واحدة وخسارتنا لأحد أطراف النزاع ثابتة فلنحافظ بقوة على تحالفنا مع الطرف الآخر حتى لا نخسر الاثنين.
آخر محطة:
(1) تم سؤالي في أحد اللقاءات عن صحة مقولة جنون أحد القادة في المنطقة وما اذا كان مؤهلا لاتخاذ قرارات مجنونة مدمرة؟! وكان الجواب ان المجانين لا يملكون القدرة على حكم الدول والسيطرة على مقاليدها لذا فالأرجح انه وغيره يدعون الجنون لتبرير أي تصرفات حمقاء يقومون بها.
(2) تظهر تجارب الماضي ان الفريق المتشدد يستخدم الآخرين للقيام بالأعمال الإرهابية لذا فعلينا أخذ الحيطة المضاعفة مما قد يأتي من الشمال قبل الشرق حيث السيطرة المطلقة لفريق التشدد الإيراني.
(3) وسئلت ضمن برنامج صفحات خليجية على قناة المستقبل اللبنانية عما كتبه أحد الخليجيين من نقد لخطط «ملالي الفرس» في الخليج فقلت اننا وإن كنا ضد المسار الإيراني المتشدد كحال وقوفنا ضد المسار العربي المتشدد إلا اننا قبلها ضد مقولات التعميم التي تتحدث ضد «ملالي الفرس» وايران المجوسية… الخ فلم يدمر الخليج إلا تلك المقولات الصدامية العنصرية.