أعتقد أن خيار حسم الأمور وتشكيل الوزارة خير ألف مرة من اللجوء الى تأجيل دور الانعقاد، فالبلد لم يعد يحتمل مناهجية التأجيل المعتادة لحل المشاكل العالقة، والوضع الأمثل هو تطبيق مقولة «اعقلها وتوكل».
بعيدا عن التفاصيل التي أدت الى إقالة الوزير الفاضل د.عبدالله المعتوق وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ الكويت، الا ان الجانب الايجابي في الامر هو تفعيل «اداة الاقالة» على اي مسؤول لم يرق اداؤه لما هو مناط به من ثقة، فالإقالة الفورية لهم لا تتركهم يشوهون صورة الحكومة، وبالتالي النظام، بسبب فشل هؤلاء المسؤولين او تقاعسهم.
وقد قال الداهية الانجليزي درزائيلي «ان السياسي الجيد هو القصاب الجيد» وقال قبله داهية العرب معاوية «ان احب الناس لي من حبب الناس فيّ» ولا شك في ان نزاهة الوزراء والمسؤولين تحبب الناس فيهم وينقل الحب منهم الى من عيّنهم، وفسادهم أو كذبهم يثوّر الناس عليهم وينتقصهم بعيون العامة.
في فرنسا البعيدة يقوم وكيل وزارة الداخلية بعمل حملات مفاجئة على الوزارات والمؤسسات الحكومية مصطحبا معه فريقا من المحاسبين والمدققين وفي دبي القريبة يرسل الشيخ محمد بن راشد «الكشافين» لفحص أداء الوزارات والدوائر الحكومية ومسؤوليها فتتم المكافأة والبقاء، أو المحاسبة والاعفاء تبعا لما يتم ايراده في تلك التقارير.
ثبت قطعا ان هناك ضعفا شديدا في الأداء الحكومي الكويتي ونرجو ان تنتهج الدولة أسلوب الاستعانة بالمستشارين الأجانب الدائمين والمقيمين في الوزارات والمؤسسات المختلفة وان يُستمع الى ما يقولونه ويكتبونه فواضح اننا أمام قرارات مصيرية غير مسبوقة في تاريخ البلاد وعلينا التواضع والاعتراف بأننا لا نملك محليا الخبرة المناسبة للتعامل مع المشاريع الكبرى والتصرف الحكيم بعشرات المليارات من الدنانير.
هناك دائما فارق بين النظرية والتطبيق، من يقل ان على الحكومة ان تخلق لها أغلبية دائمة في البرلمان ينسى الكلفة الضخمة لمثل هذا الخيار من قفز على القوانين وتمشية المصالح مع احتمال الردة السريعة على الحكومة كما حصل مرارا وتكرارا في الماضي عند توقف عملية التنفيع التي هي الدواء الأكثر ضررا من المرض.
الحل الأمثل للتعامل الحكومي المستقبلي مع البرلمان هو ان تضرب الحكومة ومسؤولوها المثل والقدوة الحسنة في الشفافية والطهارة الذاتية وان تعتمد نهج التضامن الحقيقي بين الوزراء مع ضرورة شرح برامجها بشكل متواصل في وسائل الإعلام ومحاولة العمل الجاد لتغيير الثقافة السالبة المتوارثة التي ترى في كل مشروع سرقة وفي كل مسؤول تجاوزا، وعندها سيدعمها الشعب في دواوينه وسيضغط على ممثليه النواب لدعمها كذلك دون ضرر عليهم، فهذا هو الطريق السالك والوحيد لممارسة اللعبة السياسية بنجاح ضمن المعطيات الموجودة في البلد.