والآن، نحن نتحدث عن المعلمين والمعلمات في حلقتنا الثالثة من هذه السلسلة، التي بدأنا في حلقتها الأولى بالإشارة إلى قطاع التعليم باعتباره قطاعا رئيسيا لإنجاح مشروعات الإصلاح القائمة أو المستقبلية. ثم تحدثنا في حلقتنا الثانية عن محاور ترتبط ارتباطا وثيقا بأوضاع المعلمين والمعلمات من ناحية الأداء ثم الأجور، وكذلك التفاوت في فهم الدور الحقيقي للرسالة المقدسة.
وسيكون لزاما الاستمرار في التعاطي مع ملف المعلمين، لا من جانب الصحافة فقط، بل من جانب الدولة بالدرجة الأولى. وإذا كنت أؤمن بأن وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، بدأ مشواره الثقيل في هذه الوزارة بحماس ورغبة وتطلع إلى أن يكون مع الطلبة في مدارسهم، والمعلمين في مكاتبهم، ومع الإداريين في خططهم، فإن المشكلة تبدو في قبضة قوية تحكم السيطرة على عقليات كثيرة في الوزارة… وهو أمر لا علاقة للوزير به!
أي بمعنى أن الوزير ليس مسئولا عن تلك العقول المتخلفة التي «تترس» رؤوس البعض، سواء كان ذلك البعض من كبار المسئولين أم من صغار الموظفين.
غير أن المسئولية الحقيقية التي يجب على الوزير حملها في هذا الشأن، هي تقييم الأداء، ومن ثم النظر في الملاحظات والشكاوى التي ترد من الناس حيال هذا المسئول أو ذاك… والأهم من ذلك، النظر في الملاحظات التي ترد من الموظفين أنفسهم بشأن أداء بعض المسئولين من مختلف الدرجات والمستويات.
هذه جزئية عابرة أردت الإشارة إليها لأنتقل إلى سؤال كان ولايزال يلازمني: «هل هناك من يحاول عرقلة سير الوزارة من داخلها ومن خارجها؟»، وإذا كان غيري قد تساءل فعلا كما أتساءل، فلربما يصبح في التوارد والاتفاق على فكرة معينة سبيل لفك لغز الكثير من الطلاسم، منها أن التعليم في أي بلد لا يمكن أن ينتعش ويتطور وينطلق ليمد البلاد بالطاقات العقلية من أبنائها، إلا في حال التجديد المستمر للمشروعات التعليمية، وقبلها يجب أن تكون هناك فلسفة تعليم تنطلق من أساسات وتصل إلى أهداف، ويجب ألا تكون تلك الفلسفة وتلك الأهداف حالها حال ما هو حاصل في كثير من المرافق: مجرد صياغات منمقة في كتيبات أنيقة، أو أيقونات تتصدر المواقع الإلكترونية، وواقعها كذب في كذب!
إذا، هل ينطبق هذا الكلام على البحرين؟! في ظني نعم، فهناك فلسفة تعليمية، بل قل فلسفة رائدة على مستوى الخليج والوطن العربي، وهناك خطط وبرامج وأفكار قوية جدا، وهناك كوادر بحرينية وعربية لديها من الطاقة الشيء الكثير، لكن المصيبة أن لدينا، ولدى الوزير، وأمامنا وأمام الوزير والوزارة، تقف عقليات في الإدارات والمدارس والأقسام، وكأنها تريد تقديم أنموذج «طالباني» في التعليم وقراءة المستقبل.
سنكمل بعون الله