كلامنا هنا سيطول ويطول! ولن تكفيه مئة حلقة… ذلك لأن الحديث عن دور المعلمين والمعلمات، في المجتمعات التي تريد فعلا أن تصنع مستقبلا مغايرا من ناحية التقدم مفهوما وممارسة، هو حديث في حقيقته عن أخطر الأدوار وأكثرها حساسية…
المعلمون والمعلمات، يمكنهم قطعا أن يكونوا «المنقذين والمنقذات»من الخطر الذي يمكن أن يقع مستقبلا بسبب سوء التعليم… هذا إن كانوا على جودة وتمكن وجدارة، وإن كانوا غير ذلك فالوضع خطير!
كل ذلك سنضعه في الحسبان… لكن لنبدأ أولا بالكلام عن الجو العام الذي نعيشه في البلاد… أقصد جو قطاع المعلمين والمعلمات لنقف أولا على نقاط الرصد الآتية:
– حال من التذمر والرفض سادت القطاع بسبب عدم بلوغ زيادة 30 في المئة المرجوة، فيما لايزال الحديث عن خيبة الأمل وكأنها «مقرر دراسي في التربية الوطنية الخاطئة»!
– استمرار المطالبة بالعمل على إيجاد حل للثغرات والهفوات في الهيكل الوظيفي للمعلمين، وإعادة النظر في بنود متعددة، قلت أم كثرت، وهي في واقعها تتعلق بالدرجات والترقيات.
– في ظل الأوضاع التي يعيشها المعلمون والمعلمات، المعيشية منها تحديدا، فإن الكثير من أولياء الأمور يعتقدون أن التسيب الحاصل في المدارس من ضعف التعليم، وعدم اهتمام المعلم والمعلمة بالتربية الأخلاقية وتشكيل شخصية الطالب/ الطالبة بمعنويات ومثل وقيم عالية، يعود إلى أن الكثير منهم لم يعودوا مكترثين إلا بانتهاء الدوام والعودة إلى المنزل، ولربما الاستعداد للعمل الإضافي فترة ما بعد الظهر.
– ارتباطا بالنقطة السابقة، انتشرت مقولة إن «الكثير من المعلمين والمعلمات ليسوا أهلا للمهنة»، لذلك، فإن مستوى التعليم (دراسيا) ومستوى التوجيه (أخلاقيا) هما من أسوأ المستويات في هذه الحقبة، وخصوصا أن الكثير من الطلاب والطالبات، من الجيل المنتكس من ناحية الرغبة في التعلم أو حتى الشعور بالالتزام الأخلاقي.
– تعم الفوضى الكثير من إدارات المدارس، فيما الهيئتان التعليمية والإدارية، تعيشان حالا من العداء بين بعضهما بعضا، وبينهما وبين الوزارة.
لكن، هل من المعقول أن تكون كل تلك النقاط صحيحة؟
لاشك في أن بعضها صحيح، وبعضها الآخر غير ذلك… غير أن المهم بالدرجة الأولى بالنسبة إلي على الأقل، هو محاولة إعادة تأكيد دور المعلمين والمعلمات، ومنحهم كل ما يرغبون فيه من جانب الدولة، إن أرادت الدولة أن تنجح في مشروعات كبرى بدأتها، ومنها إصلاح التعليم وإصلاح سوق العمل، لأنه من المتوقع أن نتحرك مستقبلا لإصلاح مفاهيم كثيرة ستكون قد انتكست ومنها: المواطنة – قيم العمل – القيم الأخلاقية – مفاهيم الاحترام وتشكيل شخصية الإنسان البحريني.