طبعا، لست أمتلك بيانات إحصائية أو حتى مجرد أرقام تقريبية عن أعداد المتسربين من التعليم في مختلف المراحل! لكنني على الأقل، أعلم بأن هناك مشكلة نطلق عليها مسمى «المتسربون من التعليم»، تقابلها أيضا إجراءات صارمة لتقليل أعداد المتسربين، وخصوصا من مراحل التعليم الثلاث: الابتدائي، الإعدادي، والثانوي، ومنها عدم الموافقة على فصل أي طالب من المرحلة الإعدادية، وإعادته غلى فصله الدراسي، مهما كان الأمر!
وفي الحقيقة، تصبح المشكلة مخيفة إذا علمنا بأن هناك من يتسكع في البلد بلا حرفة ولا شهادة! وهو يبقى مواطنا يجب على الحكومة إيجاد عمل له! لكن لا أدري شخصيا ما الذي سيفعله صبي في الرابعة عشرة من عمره… ترك مدرسته وتوجه مباشرة نحو النوم بلا توقف! أو أية حرفة يتقنها ذلك الغلام!
لكن اللوم أيضا على وزارة التربية والتعليم وعلى بعض المدارس!
وإليكم هذه القصة: شاءت الظروف أن يتم فصل طالب بسبب إهماله وكثرة تغيبه، وبعد مرور نحو أربعة أشهر من بدء العام الدراسي، طلب منه العودة غلى المدرسة! ففضل هو الحصول على إفادة لكي يلتحق بالتلمذة المهنية في مدرسة الجابرية الصناعية.
على رغم تعاون المشرف الاجتماعي في مدرسته السابقة، فإنالإفادة تأخرت! وبعد أن صدرت، توجه إلى التلمذة المهنية لكي يبلغه الناس بأن يأتي غدا، وإذا عاد غدا فعليه أن يأتي بعد غد… وبعد مرور نحو شهر، أبلغه أحد الإداريين في المدرسة بالقول: «ما في فايدة لا تتعب نفسك»! بالله عليكم، هل يمكن قبول مثل هذا الجواب؟!
هناك الكثير من الطلاب والطالبات، من تركوا الدراسة أو فصلوا لأسباب مختلفة، وهم في سن تسمح لهم بمواصلة الدراسة… هم يرغبون في ذلك، لكن بعض الإجراءات تحول دون عودتهم الى الدراسة، والأمثلة عندي كثيرة أحتفظ بها لنفسي… لكن لابد من لفت نظر المسئولين في الوزارة إلى ضرورة العمل على مراجعة الإجراءات والأنظمة المتعلقة بقرار الفصل، وكيف يتم؟ وما مدة أو فترة الرجوع عن هذا القرار في حال الرغبة في إعادة الطالب إلى مدرسته؟ وكذلك البحث عن إمكان استقطاب العشرات – إن لم يكن المئات – من الطلبة الصغار المفصولين من دراستهم، والتوسع في برامج التلمذة المهنية بحيث لا تقتصر على صباغة السيارات والسباكة والحدادة.
والأفضل من ذلك، بودي أن تطرح الوزارة مشروع توسيع البرنامج المهني للطلبة المفصولين، وتسعى للحصول على دعم القطاع الخاص لافتتاح ورش تعليمية تستقطب أولئك المتسكعين حتى الصباح والنائمين حتى الليل، بدلا من التباكي على كلمة «رجال المستقبل وعماد الوطن».