قضيت اجازة الصيف في لبنان وكنت اشاهد في مطاعمها الاخوة والاخوات اللبنانيين يملأ جلساتهم الفرح وتجلجل ضحكاتهم اركان المكان رغم محدودية دخولهم المالية ووفرة الصعوبات الحياتية بينما يكتفي بالمقابل بعض ابناء جلدتنا بالمراقبة بوجوه مكفهرة غاضبة رغم وفرة المادة والصحة الجيدة.
ظاهرة «الغضب الشديد» وعدم السعادة تستقبلك منذ اللحظة الاولى التي تطأ فيها قدمك معبر الدخول الكويتي من مطار وغيره وتعكس نفسها بحالة انفجار كبيرة عند حدوث اي خطأ صغير فتسمع صرخات رجال الامن او الجوازات او الجمارك وغيرهم ويلحظ حالة الغضب تلك الزائر الجديد في الشوارع والمطاعم ولدى موظفي الدوائر الحكومية.
ويندر ان تجد مقر عمل في بلدنا لا تكتنفه الصراعات والكلمات الغاضبة المنطلقة من كل الاتجاهات من زملاء تجاه اخوة لهم مما ينتج عنه عادة ضعف معدلات الانتاج والدفع بالكثير من الكفاءات الى عمليات التقاعد المبكر حيث ينتقل الغضب مع الغاضبين الى البيوت والدواوين والمقاهي.
وتعكس ظاهرة الغضب الكويتي نفسها بوفرة المنازعات في المحاكم وتفشي الطلاق وكثرة امراض السكر والضغط والقلب والقولون والموت المبكر، كما تنعكس بشكل آخر بوفرة حوادث السيارات وانتشار المخدرات لدى الشباب ممن يترجمون غضبهم بزيادة السرعة او تناول الجرعة او حتى القتل على معطى «الخز».
اننا في حاجة ماسة الى علماء اجتماع ونفس يدرسون ظاهرة الغضب المقيتة والمميتة ويرون ان كانت ظاهرة مستقرة تاريخيا في المجتمع الكويتي ام طرأت علينا في وقت لاحق وهل تسببت فيها اي متغيرات سياسية او اجتماعية حدثت لنا خلال الثلاثين عاما الماضية ولماذا؟
يتبقى التحسر الشديد على من لا يعرف معنى الحياة او سر السعادة فيها فيمضي به العمر سريعا الى القبر دون ان يترجم ما حباه الله من نعم الامن والمال والصحة الى سعادة دائمة تجعله لا يتحسر في شيخوخته او رمقات عمره الاخيرة على ما فاته من سنوات لا تعوض قضاها في الغضب والمنازعات التي ينتهي الاجل دون ان تنتهي.
آخر محطة:
يجعل الغربيون من اعياد الكريسماس نقطة تحول في مسار حياتهم فيتعهدون بالتوقف عن هذا الامر او ذاك، بودنا ان نجعل من عيد الفطر المقبل نقطة تحول لمن ابتلي بتلك الظاهرة فيستبدل مسار الغضب الضار بنهج الفرح المطيل للأعمار ولن يندم بالقطع.