حتى لا نصل إلى يوم نقطع فيه – لا سمح الله – رقاب بعضنا كما يحدث في العراق، أو يفجر بعضنا بعضا كما يحدث في لبنان، أو يقاتل بعضنا بعضا كما يجري في فلسطين، علينا ان نعلم ان شعوب تلك البلدان الشقيقة كانوا يرددون ان تلك الأمور لن تحدث لهم أبدا، فحدثت سريعا حتى قبل أن يجف حبر تصريحاتهم.
نرى أن هناك ظواهر أو حلقات متى ما اجتمعت في أمة انتهى بها الحال الى الدمار والخراب ومن ثم فكلما فككنا حلقة من تلك الحلقات ابتعدنا أكثر وأكثر عن الفوضى العارمة واحتمالات الحروب المدمرة، لذا فإبطال أول تلك الحلقات يقتضي منا العمل جميعا للحفاظ على «هيبة الدولة» واحترام النظام فلم يحترق وطن قط وتنعدم نعمة الأمن فيه إلا عبر هدم مبدأ توقير السلطات.
تفكيك ثاني الحلقات يقتضي ان نركز على ما يجمعنا كأبناء وطن واحد لا ما يفرقنا ومن ثم البعد عن الطرق اليومي على التباينات السياسية والاجتماعية والدينية المعتادة وتحويلها من ظاهرة جميلة موجودة في كل البلدان الى مشكلة مستعصية لدينا، كما علينا الا نستقصد الناس على معطى هوياتهم وانتماءاتهم المذهبية والاجتماعية وان ننأى بأنفسنا حتى عن النكات الفئوية الضارة والمدمرة حتى لا ينتهي المزاح بطعنات الرماح التي تمزق الأمة.
وتفكيك الحلقة الثالثة يوجب علينا الالتفاف حول اهداف واماني وطنية مشتركة فلا يجوز ان يصل التباين بين ابناء الوطن الواحد الى ان يصبح ما يبكي نصف الشعب يفرح نصفه الآخر والعكس صحيح.
أما تفكيك الحلقة الرابعة فيقتضي الحد من الولاءات البديلة التي تسوّق تحت ألف ذريعة وذريعة، فلا يسمح بولاء «فوق الوطن» أي تقديم ولاء أممي على الولاء للكويت، أو ولاء «تحت الوطن» اي تقديم مصلحة العائلة أو الطائفة أو القبيلة على مصلحة الوطن.
وتفكيك الحلقة الخامسة يوجب خلق مواثيق شرف اعلامية تضع نصب اعينها مصلحة الوطن اولا ومصلحة الوطن اخيرا، فالإعلام هو القادر على اطفاء الحرائق وتعزيز الانتماء للأوطان وهو القادر كذلك على العكس من ذلك.
واضعاف الحلقة السادسة يقتضي منع الاستحضار الخاطئ للتاريخ الحديث منه والقديم بحثا عما يفرقنا فقد حل الداهية هنري كيسنغر الإشكال المعقد بين مصر واسرائيل بثلاث كلمات نطقها بالعربية وهي «اللي فات مات» والواجب ان نفشي ونطبق ذلك المفهوم في العلاقة المتبادلة بين الحكومة والمعارضة من جهة والتكتلات السياسية والشرائح الاجتماعية بعضها مع بعض من جهة اخرى.
أما إبطال الحلقة السابعة فيكمن في الحاجة للتوقف عن الاختلاف «الحاد» على معطى ما يحدث في الخارج فما يحدث في العراق أو فلسطين أو أفغانستان أو إيران أو لبنان أو السودان.. الخ، هو شأن خاص بتلك البلدان ولنا بالطبع ان نبدي وجهات نظر متباينة فيه بحدود العقل والحكمة دون جعله اداة للفرقة والشقاق والتناحر فيما بيننا او ارسال «المتطوعين» لتعلم فنون القتل والنحر هناك.
آخر محطة:
يمكن استخدام نظرية «الحلقات السبع» سالفة الذكر لتقييم الأوضاع في الدول الاخرى فكلما زاد تواجد الحلقات في احدى الدول زاد خطر دمارها واقتتالها الداخلي وكلما قلت او انعدمت زادت معها احتمالات رسوخ عمليات التنمية والسلام الاجتماعي فيها.