الحكومة الذكية التي نشير لها ليست حكومة الكمبيوتر والانترنت وغيرهما من وسائل الاتصال الحديثة كما تسمى في العادة، الحكومة الذكية التي نعنيها ونحن في وسط مشاورات اكمال الشواغر الوزارية هي التي تنتقي من تثبت سيرته الذاتية الذكاء الحاد والقدرات غير العادية التي تضيع وسط البحث عن التوازنات المختلفة ولإرضاء بعض التوجهات السياسية.
فالذكاء هو إحدى نعم السماء التي تختص بها قلة قليلة ونادرة من الناس تتسابق عادة الدول الاخرى والشركات الكبرى لتوظيفهم والاستعانة بهم لتحقيق الانجاز وتقليل السقطات وحصد النصائح المتميزة تجاه ما يطرح أمامهم من قضايا، ما يحدّ من منهاجية التجربة والخطأ والتصحيحات اللاحقة الواجبة.
في أوطاننا العربية أسيء بشدة فهم حقيقة ان الناس سواسية كأسنان المشط، حيث تناسوا أنها تختص بالمساواة في الحقوق والواجبات الانسانية والدينية حيث لا فرق بين أبيض وأسود أو عربي واعجمي، واعتقدوا بالمقابل أن لا فرق في القدرات الذاتية والمواهب الربانية بين الناس، لذا فلك أن تختار منهم ذوي الرؤية الضيقة المحدودة، وتترك من يمتلك الذكاء والنبوغ دون ضرر أو خسارة على البلدان، وتلك – حقيقة – إحدى مصائب دول العالم الثالث.
وكلما صغرت البلدان وقل عدد السكان قل معهم عدد الناس المتميزين ذوي العقليات الفذة والقرارات الحكيمة التي لا ترتبط بالضرورة بالشهادات الاكاديمية العليا، لذا فهناك حاجة ماسة لخلق مركز معلومات يختص بحصر الاذكياء منذ ايام دراستهم الاولى ومتابعة المتميزين في أعمالهم وأصحاب الكفاءات المحلية النادرة لوضعهم امام المسؤولين كي يختاروا منهم القياديين المستقبليين للدولة، وعندها سنرى القفزات السريعة في البلد والبدء في ملاحقة ركب الآخرين.
ان النهضة السريعة لكثير من البلدان والمؤسسات الخليجية قامت في أحد أهم عناصرها على الاستعانة بالمتميزين والاذكياء من مسؤولين محليين وخبرات وكفاءات عالمية كي يعملوا بتناغم مدروس لتحقيق الانجاز، ولا نحتاج في نظرتنا الاستشرافية للمستقبل الباهر، الا ان نستعين بالكويتيين المتميزين من مستودعات المعلومات وتشجيعهم على الاستعانة بالخبرات الاجنبية المتميزة كذلك للعمل معهم كي تقلع طائرة الوطن محلقة في الاجواء العليا، فتخف الشكوى وينتهي التذمر.
وإحدى مزايا الاذكياء قلة سقطاتهم السياسية، كما أن نتائج أعمالهم وافكارهم ستبهر الشعب، فتقل الاستجوابات والمناكفات الشخصية، كما سيملكون القدرات اللازمة تحت قبة البرلمان لمقارعة الحجة بالحجة، خاصة أن هناك 50 نائبا يقابلهم 16 وزيرا أي أن الكثرة العددية للنواب الافاضل تستوجب قدرات نوعية اضافية للمسؤولين.
آخر محطة:
قبيل ارسال المقال وصلني بريد الجريدة ومن ضمنه كتاب «ديوان المحاسبة مسيرة وتاريخ»، ولما كان الاخوة الاعزاء في الديوان وهم عين الشعب الساهرة على أمواله لا يتركون شاردة أو واردة أو خطأ دون رصده وتسجيله ولهم الشكر الجزيل على ذلك، نذكر لهم بعض الاخطاء البسيطة التي لحظتها خلال دقائق التصفح راجيا تصحيحها في الطبعات المقبلة، ومنها (1) صفحتا الغلاف مقلوبتان فوق تحت، كما أن الغلاف الانجليزي وضع للقسم العربي والغلاف العربي وضع للقسم الانجليزي، (2) صفحة 18 تذكر أن وصول أسرة آل الصباح للكويت عام 1613، وصفحة 47 تذكر أنه تم في عام 1711 (بالعربي والانجليزي)، (3) لا يمكن لوكيل الديوان العزيز عبدالعزيز الرومي ان يولد عام 1974 اذ ما كتب بعده أنه تخرج عام 1971 كما أتى في الطبعة الانجليزية، كما لا يمكن للمرحوم حمود المضيان أن يولد عام 1919 ثم يتخرج من مدرسة المباركية عام 1993 كما أتى في القسم الانجليزي من الكتاب، تلك الملاحظات الاولية والغلطات المطبعية لا تبخس معدي ومراجعي ذلك الكتاب المعلوماتي المهم جهدهم الطيب والمميز، فلهم الشكر المستحق.