أتى لقاء أمير الكويت واطفائيها الأول صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، بأبنائه رؤساء تحرير صحفنا المحلية ليلقي بالماء البارد على كثير من النيران التي أُججت في الفترة الأخيرة دون احساس بالمسؤولية أو الحرص على المصلحة الوطنية، ومن ذلك قول سموه «انني لا أرى، حقيقة، مبررا واحدا لكل هذه الممارسات غير المسؤولة، الا ان يُقصد بها جر شعب الكويت الى التصارع والتطاحن، وهذه أمور لن نسمح بها لأنها خط أحمر لا يمكن تجاوزه».
فما ان أُطفئت شائعة تنقيح الدستور حتى لحقتها على الفور أكذوبة حل المجلس حلا غير دستوري دون أن يُسأل من بدأ اسطوانات الزيف تلك عن مقاصده من اثارة البلبلة والفرقة في البلاد وسط الظروف الحرجة القائمة أو أن يحاسب من يكتب ما يسمع دون تدقيق أو تمحيص.
ومما قاله سموه في لقاء السابع من رمضان الهام، في اشارة الى هذه الشائعات المنتشرة والصراعات المتصلة: «ان مثل هذه الممارسات الخاطئة انعكست سلبيا على سمعة الكويت وشوهت نظامها الديموقراطي الذي نعمل جميعا على صيانته وتطويره خدمة للوطن والمواطنين». وقد يكون من الامور المحزنة حقا ان الكثير من الامور التي تسيء للديموقراطية وتشوه سمعتها أمام الآخرين تصدر ممن يفترض ان يكونوا أكثر الناس دفاعا عنها.
وقد ذكّر سموه في اللقاء المثمر ابناءه رؤساء تحرير الصحف بضرورة الحرص على علاقات الكويت بالجيران والاشقاء فمازلنا بلدا صغيرا تكمن مصلحته الاستراتيجية في الحفاظ على الاصدقاء والاكثار منهم لا البحث عن الاعداء، كما بيّن سموه ان توجه الدولة للخصخصة لا يعني تبني نهج الرأسمالية المتوحشة ومن ثم القبول برمي المواطنين دون عمل في الشوارع.
وقد كان تذكير سموه للحضور بأنه أقسم أمام الله والشعب على حماية البلد وصونه من أي شيء يؤدي للضياع أو الابتعاد عن الدستور أمرا حاسما لا يجوز بعده الركون للشائعات والاقاويل المغرضة، وعليه نرجو أن يرقب الشعب الكويتي مسارا جديدا بين الحكومة والقوى السياسية يقوم على نسيان الماضي وخلق أسس جديدة للعلاقة بين السلطات تبنى على الثقة المتبادلة وافتراض حسن النوايا اللذين لا غنى عنهما في أي علاقة انسانية صحية، ومن دون ذلك ستتوقف خطط التنمية ويتخلف البلد ونشغل بأنفسنا عن مخاطر الخارج.
آخر محطة:
نرجو أن يكون خطاب الأمير الكافي والوافي الاطفاء الاخير للنيران التي تشعل بين حين وآخر، كما نود ديمومة وانتظام مثل تلك اللقاءات الحميمة التي بددت كالضوء الباهر في دقائق شائعات مظلمة بنيت في أشهر عدة.