«جاءكم شهر هو عند الله من أفضل الشهور»… هكذا يصف المصطفى محمد (ص) مكانة شهر رمضان عند رب العزة والجلال… مبارك عليكم الشهر، وجعلنا الله وإياكم من الفائزين بخيراته وعطاياه السنية.
منذ صغرنا، ونحن نقرأ في كتب القراءة ونشاهد في برامج الأطفال، ونسمع من بعض المعلمين والمشايخ فضائل هذا الشهر العظيم، وتتوالى أمامنا قائمة من القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية، حتى كبر الكثيرون منا واصطدموا بواقع مرير لا يوجد له مثيل إلا في المجتمعات الإسلامية، والسبب في ذلك كله التشدد، والإعلام المتشدد، وقابلية المجتمع… بل لنقل قابلية غالبية فئات المجتمع، لأن تصبح أداة للهدم لا للبناء… وخصوصا في شهر الله المعظم.
شهر رمضان الذي يهل علينا اليوم، سبقته عاصفة خفيفة سببها المسلسل «المفترض» قبل إلغائه «للخطايا ثمن»، وما ثارت عاصفته لأنه يعيد ترتيب منهج التفكير المتعقل في القضايا الراهنة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي، بل لأن هناك – وراء الكواليس – تختفي الأيدي الممولة ذات النوايا الخبيثة! وتختفي جماعات قوية السيطرة (مالا وإعلاما) من أجل أن تبث في المجتمع الإسلامي، الخليجي خصوصا، والعربي والإسلامي عموما – وفي شهر الله الكريم، سموما فتاكة، ستكون بلا شك أشد فتكا من برنامج «الحوار الصريح بعد التراويح» الذي بثته في ما بين العامين 2003 و2004 قناة «المستقلة» الفضائية وناقش خلافات المسلمين سنة وشيعة بأسلوب (دعهم يتناحرون واشرب نخب الانتصار).
مختصر القول، إن شهر رمضان الكريم أصبح موسما خصبا تستعد له «مافيا» الطائفية والتكفير والتشدد لكي تعيد (نشر الفضائل والقيم الإسلامية المعاصرة) التي تبدأ بالتسفيه والتسقيط، وتمر بالتنكيل والتهديد، وتنتهي بالتقتيل والتفجير! قاتلكم الله، من أين أتيتم بكل هذه الأفكار الهدامة وأنتم حتى يوم الناس هذا، لم تتمكنوا من تعلم كيفية الظهور أمام الناس بـ «لباس» يعكس شخصية ونظافة وإيمان وتحضر وطهارة الإنسان المسلم؟ فيصبح الوجه المكفهر المشوه بالعيون الحمراء والجباه المقطبة، واليد الغليظة والجسم المنتفخ والكرش الكبير والأقدام (الملحة) هي الهندام الإسلامي الذي تفوح منه روائح المسك ودهن العود!
أحبائي، نحن من نتحمل المسئولية وليس أولئك «المتشيخين» علينا! ولننظر على مدى السنوات الماضية كيف سببت أعمال تلفزيونية وكتب وكتيبات ومنشورات في تدمير علاقات الكثيرين مع بعضهم بعضا، لأن غالبيتنا يا أعزائي، نتحرك بحمية الطائفة، وعاطفة الطائفة، وصمود الطائفة وتسيد الطائفة، ثم بعد ذلك، يجلس الأكاديميون والمثقفون الذين تعلق عليهم الآمال لكي يهزوا رؤوسهم موافقين على كلمة سفيه خاطب الأطفال بالقول: «أين ذهبتم في إجازتكم الماضية؟ فرد بعض الأطفال بأنهم ذهبوا إلى مهرجان الجنادرية الثقافي مع أهاليهم؟ فرد وهو يمثل دور الباكي الكذاب المزيف: «إخوانكم يذهبون إلى الجهاد وأنتم تذهبون إلى الجنادرية».. فعلا، قاتلك الله، وقاتل معك من هز رأسه متأثرا موافقا على ما تقول، و… أنعم الله على جميع من يقرأ هذه الأسطر، بخير وبركات شهر رمضان المعظم..
مبارك عليكم الشهر…