لا يستطيع ارتفاع أسعار النفط المؤقت أن يخفي حقيقة ان عهد «الحكومة الكبيرة» التي توظف وتربي المواطن من المهد الى اللحد قد اختفى من العالم، وحل محله عهد القطاع الخاص المنتج والفاعل والقائم على البادرة الفردية ومنهاجية الابداع والتطور.
وبذا أصبح رجال الاعمال في العالم أجمع يوقَّرون ويقدَّرون وتُفرش لهم السجاجيد الحمراء عند الوصول، وتحوَّل قادة الدول الكبرى من مسوِّقين للنظريات السياسية كما كان يحدث في العقود الماضية الى بائعين للمصالح الاقتصادية لشركاتهم، كما انصرف اهتمام السفارات والمخابرات عن العمل السياسي الى التجسس الصناعي.
في وسط هذه المتغيرات العالمية القائمة منذ سنوات نجد أن رجال الاقتصاد والاعمال في بلدنا وهم أمل المستقبل ومن سيخلق فرص العمل الجادة للأجيال المقبلة يضربون ضرب غرائب الابل من كل الاتجاهات ومن جميع التوجهات، وهم من يتسابق بعض رجال السلطات الذين تظللهم قبة البرلمان على محاربتهم وفسخ عقودهم واطلاق الصفات والمسميات الضارة عليهم.
لقد تسببت تلك الاجواء المحلية غير المشجعة في هجرة رجال الأعمال الكويتيين للخارج حيث واجهوا كذلك الأمرّين طبقا لنظريتين أولاهما نظرية عربية نصها مقولة «الدخول السهل والخروج الصعب» وهو ما يحدث في بعض بلدان الاقتصاد الاشتراكي العربي المتحول التي تسهّل الدخول وتصعّب الخروج، والثانية نظرية خليجية ملخصها «خل يكبر كفله حتى يحل ذبحه» وهو ما يحدث في بعض دول الخليج التي تسمح للمال الكويتي بالاستثمار والعمل، الا انه ما إن ينجح ويزدهر حتى تبدأ عمليات الاستيلاء القسرية والمضايقات على الممتلكات والاستثمارات التي لا تنفع معها الشكوى أو الذهاب للمحاكم.
إن الحل الوحيد لإبقاء الاموال الخاصة الكويتية في الكويت لتنمية البلد ولاستغلال تلك الفرص النادرة التي تمر علينا كمرور السحاب ولإزالة المعوقات السياسية والبيروقراطية هو عبر العمل المؤسسي المنظم لرجال الاعمال القائم على خلق كارتيلات ولوبيات منظمة ومؤثرة تشرح حقيقة دور القطاع الخاص في التنمية وخلق فرص عمل للشباب الكويتي ومحاولة كسب الدعم والتأييد من قبل الوزارات المختصة واعضاء البرلمان.
آخر محطة:
يحتاج الأمر كذلك من هيئة أو تجمع رجال الاعمال القيام بعمل اعلامي فاعل لتغيير الصورة النمطية السالبة عن رجال الاعمال في أذهان الناس والتي خلقتها موروثات حقبة الاشتراكية العربية والتي نراها منعكسة في أعمال الدراما العربية والخليجية والكويتية، حيث يمثَّل رجل الأعمال دائما بدور المستغل والشرير والمتجاوز على القانون.. إلخ.