سعيد محمد سعيد

مشايخ الطائفتين

 

أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة وحدث وموقف ومحنة وبلوى… حاولت البحث عن سؤال «يقرقع» في الصدر كثيرا ويدفع العقل إلى أن يستيقظ ويحلل ويستنتج، فما وجدت إلا إجابة واحدة، سيكون من شديد الأسف أن أطرحها. ولكن، قبل طرحها، يجب ذكر السؤال وهو: «كيف هي العلاقة بين مشايخ وعلماء الدين من الطائفتين في البلد؟»، فلم أر من مجيب، ولم يبشرني أحد بما يسر!

ليست هي حال من التشاؤم، ولكنها ضرب من خيبة الأمل!

ما الذي يدفعني ويدفع غيري أصلا إلى التفكير في مثل هذه الأسئلة؟ والجواب هو واقع الحال الذي نعيشه من اضطراب مغلف بالنزاع والتشكيك والتحدي وربما الكيد، وهي أمور لم ولن تتفق إطلاقا مع تعاليم ديننا العظيم، فهنا، في بلادنا، قلما نجد ذلك التلاقي بين علماء الطائفتين، أو أحد اختلافهم الذي فيه رحمة! فالاختلاف القائم هو امتداد لخلاف عقائدي وفكري وسياسي، ويتسع أكثر ليلامس خلافا أكبر وأخطر، نابعا من امتداد الاختلاف القائم سلبا، فيلقي ظلاله المقلقة على العلاقات في المجتمع بين جناحيه، فلا يطير إلا موجوعا… ذلك أن كلام العلماء والمشايخ، وخطابهم وتوجيههم وآراءهم ووعظهم وإرشادهم، هو المؤثر الأكبر والمحرك الأهم للناس الذين يصدقون أكثر ما يصدقون، ويمتثلون أكثر ما يمتثلون لكلام علماء الدين، وللأسف الشديد، يبقى ذلك الامتثال والاتباع حتى في القضايا والأمور التي تشعل وضعا أو تؤجج موقفا.

أين يلتقي علماء الطائفتين، وكيف ولماذا؟ يمكننا أن نرى صورا ميدانية لذلك الالتقاء في بعض المناسبات واللقاءات الرسمية، وتبدو الصورة واضحة للالتقاء في الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج، وربما في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي لا نقرأ عن اجتماعاته ولقاءاته وبياناته إلا القليل، فيما وفرت لنا بعض الصحف فرصة لأن نجد صورة متكررة كل يوم سبت لنقرأ «لقاءات» عبر خطب الجمعة تنشر في صفحة واحدة لخطباء من الطائفتين. ولكن، أن يكون هناك لقاء جوهري ودوري يجمعهم لمناقشة قضايا الوطن وأمور البلاد والعباد، فذلك مما يقع في القلب موقع الأمنيات والأحلام السعيدة، فإذا كان علماء البلد في نأي عن بعضهم بعضا، لن يكون من اليسير أن تتغير الأفكار الطائفية والمواقف العدائية والشحن الكريه الذي يجعل من البيانات الصحافية والمحاضرات المسجلة على الأشرطة والحوارات الصحافية ساحة قتال بين فئة يجب أن تكون أعلى احتراما والتزاما بالقيم، وبالمسئولية الدينية والوطنية والاجتماعية.

الإجابة على السؤال الوارد في المقدمة، التي قلت إنني سأطرحها بشديد الأسف، هي أن العلاقة بين مشايخ وعلماء الدين من الطائفتين، هي علاقة ورثة الأنبياء الذين ما فهموا قط، رسالة الأنبياء؟